الصف الأول وموضوع الانشاء
د. ثابت النابلسي
16-05-2022 08:10 PM
لم تكن هذه المرة الأولى التي ينازع فيها قلمي كلماتي ، فكلما حاولت الكتابة تناثرت كلماتي وتبعثرت حروفي على أوراق الآخرين ، فتلك ورقة محروقة وأخرى ممنوعة وتلك محضورة وغيرها من الأوراق الممزقة ، التي يجمعها أصحاب الهويات كما يجمعون الطوابع، ويلصقونها في مجلدات لتباع في مزادات الصور.
الآن وقد أصبح هناك الكثير ممن يرسمون مستقبل الوطن ويخططون من أجل بناء الوطن في كافة المجالات ، هؤلاء بكلمات مختلفة هم خبراء وعلماء وجهابذة وسياسيون واقتصاديون من كل المنابت والأصول، تجمعهم الهوية الجامعة التي لم نتعرف عليها بعد عن قرب ، كما أنهم جميعاً يشكلون ما يعرف بالصف الأول.
نعم الصف الأول…
رغم أننا جميعاً كنا في الصف الأول في مرحلة الدراسة إلا أن هذا الصف يختلف عن كل الصفوف ، فهو مرتبط فقط بموضوع الانشاء الذي يقدمة الشخص ليتم وضعه في الصف الأول…
فكما هو معروف في كتابة الموضوعات الإنشائية لابد من مراعاة معايير هامة تعكس مدي فهم الكاتب للموضوع وكيفية المحافظة على علاقته الشخصية مع الأستاذ و المشرف ، كذلك أهمية كبيرة لعنوان الموضوع بحيث ينسجم ويعزز ما يؤيده الأستاذ ويسعى إليه المشرف ، من هنا جاءت تشكيلة الصف الأول في تحديد ورسم خارطة الطريق لمستقبلنا الذي نجهله ، لم يكن العلماء ولا المفكرين بل كتاب المواضيع الجميلة التي يجد فيها القارئ اللذة والسعادة ، في حين أنها تخدر المشاعر وتسلب الإرادة وتجعلك تمارس عادات سيئة لتصبح مجرد شيءٍ.
بعد طول انتظار ومتابعة نجد كثير من طلاب الصف الأول أعجبهم البقاء في مواقعهم وكتابة نفس المواضيع وإعادة تكرار لكل شىء سنويًا دون كلل أو ملل ، لذا نطمح في طرحنا لهذه الظاهرة أن نجد إجابات لتساؤلات مشروعة:
لماذا لا يتم ترفيع هؤلاء للصف الثاني مثلاً ..؟؟!
لماذا لا يوجد فرصة واستراحة كي يرتاحوا ؟
لماذا لا تتاح الفرصة للمشاركة من آخرين بمعايير أخرى منصفة غير موضوع الانشاء !؟؟؟
أخذت دقائق من التفكير في هذا الاستفسار حول الموضوع ، لأجد صعوبة كبيرة جداً …جداً للإجابة عن أسئلة لا يجوز أن تطرح.
لكني أعتقد أن هناك فرصة للقاء مع هؤلاء من خلال هذا المنبر ، وقد يكون البعض منهم أكثر الناس علمًا وفهمًا وهو في المكان المناسب بالصفوف الأولى لكن هناك دومًا أكثر من صف وأكثر من مدرسة ، إن ما نخشاه ونحذر منه باستمرار أصبح أكثر خطورة على الوطن والمواطن لأن مواضيع الإنشاء والتنظير وكثرة اللقاءات للصف الأول، لا تحمينا من الجوع والبطالة والفقر والجرائم والجهل والظلم ، كما أن الأمور في تزايد مستمر رغم كل عمليات إعادة النشر والتجميل للمواضيع.
احذروا من شباب ضاق ذرعًا بالوعود والانتظار وفقد الأمل من الداخل والخارج ، احذروا من أصحاب الأقلام الملونة والكلمات المنمقة ، الذين يصورون الهموم الوطنية على شكل إنجازات ومشروعات وهمية.
نحتاج أن نكون جميعاً صفًا واحدًا لتتكافىء الفرص من أجل الوطن ، نقف يداً بيد نزرع ونصنع وندافع ونرفع الرايات خفاقة ، كم هي مشتاقة رايتنا لهتافات الشباب وكم هم بشوق للعودة للمدرسة الكبيرة.
حمى الله الأردن ومليكه وولي عهده وعاش الشباب وعاش الأردن.