3 ملفات في الزيارة الملكية إلى واشنطن
عمر الرداد
15-05-2022 08:26 PM
شكلت العلاقات الثنائية بين الولايات المتحدة والأردن العنوان الأول في الزيارة الملكية لواشنطن، وهو ما أكدته لقاءات جلالة الملك عبدالله مع مستويات عسكرية واقتصادية أميركية اضافة للجان الكونغرس الامريكي، والتي اكدت مخرجاتها على علاقات استراتيجية وثيقة مع واشنطن ودعم متواصل بدأ يتخذ اتجاهات عديدة تتجاوز الحقلين: الأمني والعسكري، عبر التوسع في زيادة مخصصات التمويل باتجاهات دعم الميزانية العامة وتطوير البنى التحتية والتنمية المستدامة، والتي اصبحت تشكل اكثر من ثلثي مبالغ الدعم التي تتجاوز المليار ونصف دولار سنويا.
بيد أن اللقاء الثاني لجلالة الملك عبدالله مع الرئيس بايدن خلال أقل من عام يستبطن دلالات ورسائل تتجاوز حدود العلاقات الثنائية في المستويات الامنية والعسكرية، بعناوين واتجاهات مرتبطة بالدور المحوري والإقليمي للأردن بمرجعية اعتداله والتزامه بمواقفه تجاه الإرهاب والسلام والتعايش، والإسهام في حل النزاعات والصراعات في المنطقة، وهو ما تطلب منه الابتعاد عن سياسة المحاور التي لم تجلب للمنطقة الا مزيدا من التطرف والإرهاب.
الزيارة الملكية الثانية للبيت الأبيض جاءت بعد تطورات استجدت بعد اللقاء الأول "دوليا وإقليميا" أبرز عناوينها الحرب الروسية على أوكرانيا والتي اعلن الاردن مواقف تؤكد حياده تجاهها في ظل علاقات متوازنة مع موسكو وكييف، وتقدم مفاوضات الاتفاق النووي الجديد بين أمريكا والقوى الدولية، في ظل مواقف إقليمية مشككة بامكانية ان ينتج عن هذا الاتفاق تحولات جديدة باتجاهات السياسة الايرانية، وبما يخفض مستويات التصعيد في الاقليم، وهو ما يعني أن استمرار الفوضى في الإقليم سيبقى أحد السيناريوهات المتوقعة، وسيجد ترجماته عبر ساحات الصراع المختلفة، بما فيها العراق وسوريا ولبنان وما سينتج عنها من تداعيات ذات مساس بالأمن الوطني الاردني، هذا السيناريو المتوقع يشكل قاسما مشتركا بين الأردن وأمريكا في "تقدير الموقف" بضرورة الاستعداد لسيناريوهات مفتوحة ، وهو ما تم التعبير عنه بـ اتفاقية عسكرية بين أمريكا والأردن تم إنجازها منذ أقل من سنتين، تعكس فيما تعكس حالة عدم اليقين والشكوك العميقة في المنطقة.
ومع كل ذلك، فإن التصعيد في فلسطين، والذي بذل الأردن جهودا لوقفه قبيل شهر رمضان بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية واسرائيل كان العنوان الأبرز في الزيارة الملكية لواشنطن، في ظل إدراك اردني بضعف الحكومة الإسرائيلية من جهة وخضوعها لايدلوجيات أحزاب يمينية متطرفة، تحاول تغيير الأوضاع القائمة في القدس الشرقية والاماكن المقدسة، عبر مقولات التقسيم الزماني والمكاني، والتلويح بالانقلاب على أسس عملية السلام بما فيها حل الدولتين والوصاية الأردنية على المقدسات، والتهديد بوقف تزويد الأردن بحصته من المياه وفقا لما قررته معاهدة السلام عام 1994.
ومن الواضح وفقا للبيان الذي أعقب لقاء القمة بين جلالة الملك والرئيس بايدن أن الدولة الامريكية العميقة ما زالت ملتزمة بحل الدولتين والوصاية الهاشمية على الأماكن المقدسة في القدس والتقدير العالي لمواقف جلالة الملك والأدوار العقلانية للسياسات الحالية والمستقبلية للأردن.
مؤكد أن نتائج الزيارة في اطار العلاقات الثنائية ستظهر تباعا عبر تحسين البنى التي تستجيب لتطور العلاقات مع واشنطن، بصورة أسرع مما ستكون عليه النتائج في القضية الفلسطينية والضغوط الامريكية المتوقعة على اسرائيل والتي تخضع لحسابات امريكية خاصة ، فيما ستترجم نتائج الزيارة في القضايا الاقليمية، عبر لقاءات ثنائية لجلالة الملك مع قيادات في المنطقة، لا سيما وان الاردن تربطه علاقات وثيقة مع عواصم القرار في الإقليم عربيا واسلاميا، وبالتزامن مع نشاط دبلوماسي ستشهده عمان بمستويات مختلفة.