الموارد البشرية بين الروتين والحداثة
د. خلف ياسين الزيود
15-05-2022 11:57 PM
ان الله سبحانه وتعالى أكرم الانسان بان خلقه حراً، ويعيش على الأرض حيث يشاء وكيفما يشاء، والانسان هو ايضاً من يبتكر ويحدد أسلوب عيشه بكامل حريته وطوعه فهو الذي سن الروتين واعتاد عليه وكأنه سلوك يؤدي الى الاستقرار وعدم المجازفة بالتغيير لما هو ليس معتاد، وهنا أصبح الروتين المسبب الرئيس لإزعاج حياة الانسان ليذهب ويعود لا يفكر بشيء خارج ما تعود القيام به كل يوم، حتى ينتهي النهار ويجد نفسه منهكاً من الملل والتكرار وينام ليله بلا رؤيا ولا أحلام.
ان الحياة مهما طالت فإنها قصيرة، فعلينا أن نذهب فيها إلى خوض كل ما فيها من أحداثها ومغامراتها لننعم بروحها وبالفائدة علينا وعلى سنتها بالإعمار والتحديث والتجديد، بدلاً من أن تضيق علينا وتنهش من حريتنا وتوقف من تقدمنا وروح الابداع للنهوض بقيمة الانسان والاوطان. وهنا فان الانسان ومهما انجز وأبدع باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، يبقى ويظل الاهتمام بذاته وقدراته ورعايتها وتطويرها هو العامل الفيصل في الحياة، لأن كل ما هو امامنا من بناء وحضارة وتقدم يُصنع ويطور من قبل الانسان، والطبيعة دائماً تحتاج لمن يعمرها ويتأثر بها ومعها.
من هنا تأتي الضرورة الدائمة للاهتمام بالإنسان وتطوير مهاراته الادمية ومساعدته على محاربة الروتين في عمله وسلوكياته وهذا الامر يقع على مسؤولية الحكومات بمراجعة أو إيجاد تشريعات للموارد البشرية يريح ويُمتع الانسان ليعطي وينتج على مستوى عالي وراقي للنهوض بالمعنى الحقيقي له ومؤسساته وبالتالي بالوطن ككل، فتصبح السلوكيات العامة كلها ذات دوافع وروافع دائمة ومستمرة للعمل الخلاق والتحديث المتميز لنصل الى الاستمتاع الإنساني والوطني بما ننجز.
اليوم ومع الحياة الرقمية والتطور السريع المتداخل يحتم علينا إعادة تحريك الانسان العامل أينما كان ضمن سياسات واساليب جديدة تنهض وتواكب العالم الجديد ليصبح القطاع العامل وبالتحديد القطاعات العامة ضمن استراتيجية القوى البشرية الذكية التي بدأت في هذا العالم منذ زمن، لهذا نحن في الوقت والظرف الذي يحتم علينا أن نلحق ونواكب كل ما في هذه الحياة من تطور، وذلك من خلال إعادة مراجعة الأنظمة والقوانين التي تخص البشر وسلوكياتهم والموارد البشرية، والتي باتت ضرورية لأنها توازن بين المصلحة العامة للدولة وبين المصلحة البشرية الإنسانية ضمن قوانين جديدة تحفز على كسب الطاقات والاستفادة منها لمصلحة الجميع دولة وشعب، لتنطلق روح الإلهام والابداع للإنتاج المتميز المقبول في كل انحاء هذه المعمورة وذلك للبدء بتفعيل التداخل الذكي بيننا وبين العالم.