مع كل أزمة اقتصادية تحدث هنا أو هناك في هذا العالم، ومع كل تغيير في أسعار الفائدة يجريه الفدرالي الأمريكي، يعود السؤال القديم الجديد للظهور والتداول وهو: ما هي القطاعات الأفضل والأكثر أماناً للاستثمار وحفظ الأموال؟؟، بغض النظر عن حجم الاستثمار ومكانه، وهذا السؤال يردنا بشكل دائم من مستثمرين صغار ومتوسطين وكبار، إلى جانب مئات الاستفسارات من الأفراد ممن لديهم وفورات مالية بسيطة ومتوسطة.

على الدوام كان جوابنا أن العقارات والذهب هي أفضل الاستثمارات الآمنة بشكل عام، داخلياً وخارجياً، رغم أن الاستثمار في كلاً منها له خصوصيته وسلبياته وايجابياته، ولكن يبقى العقار هو (الاستثمار الجبان) المضمون، ويبقى الذهب هو (الاستثمار الشجاع) الآمن، مع التفاوت الكبير في نسب وأعداد المستثمرين بين العقار والذهب، والذي يميل في الغالب لصالح العقارات من قبل ذوي الدخل العادي وذوي رؤوس الأموال بمختلف أحجامها، بينما يحتل الذهب المكانة الأولى لدى كبار المدخرين والمستثمرين.

العقارات بشكل عام هي الحل الأنسب في الغالب لحفظ الأموال والمدخرات التي تأتي على شكل دفعات متفاونة ومتتالية، ومن هنا جاءت برامج القروض والتقسيط بأشكالها المختلفة، وكانت الحل الأقوى لتملك البيوت والمزارع والشاليهات والاستوديهات وغيرها لغايات الاستخدام الشخصي، وهذه العقارات في الغالب أسعارها تنمو وتتزايد مع مرور الوقت، وتحفظ الأموال التي استثمرت فيها، بعيداً عن حجم الفوائد والأرباح التي أضيفت إليها.

أما الذهب فهو يحتل مكانة متقدمة لدى المستثمرين من متوسطي الحجم والكبار منهم، فالذهب كما هو معروف ضد التضخم، كما أنه مخزون للقيمة التي يشكلها ويحملها، وهو الملاذ الآمن لكل مال يزيد عن حاجة الفرد، أو أية أموال يريد أصحاب الملايين والمليارات تنميتها لمدى قصير أو طويل، دون الرغبة في تناقصها أو إنهيارها، فالتغيرات على أسعار الذهب غالباً بسيطة، وفي الغالب هي في نمو مستمر، وليس أدل على ذلك من أن سعر الأونصة ارتفاع من 200 دولار عام 2011، ليتجاوز خلال 10 سنوات حاجز الــ 2050 دولار.

ومع ظهور جائحة كورونا بداية عام 2020، ارتفع سعر الأونصة من 1450 دولار في شهر شباط، ليصل إلى 2070 دولار في شهر آب من العام نفسه، أي أنه ارتفع بنسبة تتجاوز 42% خلال 6 أشهر، وقد جاء ذلك نتيجة لجوء المستثمرين الكبار للذهب كأقوى وأأمن ملاذ للأموال، بالتزامن مع توسع الجائحة عالمياً، كما أن ارتفاع نسب التضخم، وتذبذب أسعار الفائدة في أمريكا، والنزاع التجاري الصيني الأمريكي؛ كلها أسباب عززت من مكانة الذهب عالمياً على الصعيد الاستثماري.

حسنة الاستثمار في الذهب أن فئات الاستثمار متنوعة ومتفاوتة في الأسعار، فقد يبدأ المستثمر بالليرة الذهب، أو بالأونصة، حتى يصل للسبائك... وهكذا، وهذا يمنحه السهولة بتداولها عند الحاجة للمال، أو الرغبة بتحقيق مكاسب عند ارتفاع الأسعار، كما أن التراجع في أسعاره غالباً ما يكون بنسب بسيطة، وبشكل متدرج ودون إنهيارات مفاجئة.