منظور الاستفادة من المتغير
د. حازم قشوع
15-05-2022 10:46 AM
مع تغير الاوضاع السياسية في المنطقة من مواضع تقديرية تحمل زوايا حادة الى مستقرات تصالحية يمكن استثمارها لتحقيق ارضية تشاركية تكون المنطقة قد انتقلت انظمتها الى انظمة بنائية تعتمد تبادلية المنافع لاحقاق منجز بعدما كانت تقف عند التوجس التنافسي الذي يستثمر خارج الاطار العام لبناء مرتكز نفوذ ويبتعد على المحيط لئلا يرتبط بها فيقوم بالابتعاد عنه متى شاء.
وهذا ما كان يجعل الاستثمارات في المنطقة يذهب للغير ولا يوطن بها وهو ما كان يشيع اجواء سلبية منفرة ولا يسهم بتوثيق الروابط الطبيعية بين مجتمعاتها وذلك عبر بناء مناخات جديدة بين مجتمعاتها وفي ظل دخول الجميع في اطار القيادة المركزية الوسطى.
هو ما ينتظر ان يجعل المنطقة تعيد تنظيم حركتها وواقغ ادائها من على هذه المتغيرات السياسية القائمة على مضمون الروابط والذي بدأ بترسيم مراكز استثمارية لبلدانها لتسهم في بناء علاقات طبيعية وتبادلية بين مجتمعاتها وهو ما يتوقع ان يحقق لشعوبها مناخات امنة ومستقرة ليأتي ذلك من واسع تقدير الجميع بالعمل ضمن اطار المنظومة الامنية المركزية المتوافق عليها ومرجعياتها في المنطقة وهو ما ينتظر ان يفرض ايقاعا جديدا على شعوب المنطقة ومستقبل العمل بها.
ومن على هذا المنظور وتقديراته الموضوعية الرامية لبناء علاقات تشاركية طبيعية يتشكل المناخ العام فى المنطقة وهو ما يبرز اهمية العمل للاستثمار بهذه المناخات بما يساعد على جذب وتوطين الاستثمار كما يتطلب بناء عوامل ذاتية قويمة ويعمل على صيانة العصب الحامل للاقتصاد الوطني بما يجعله قادر للاستفادة من المتغير الناشئ وذلك بتدعيم العامل الذاتي دعم روافده الاقتصادية وتشكيل قوامه الى قوام آخر يحول المنهجية الاقتصادية إلى منزلة انتاجية ويعيد ترسيم نظام الضوابط الموازين الذي يقرن مناهج العلم بمنهجية العمل ويضيف نماذج ترسيم منسجمة مع المعطيات الناشئة وتشكيل حواضن مجتمعية بمناخات ثقافية متصالحة وهو ما يتوقع ان يعيد بناء الحواضن الاجتماعية لتكون جاذبة وموطنة للمنهجية ورابطها الطبيعية التي يقوم عليها الاقتصاد الانتاجي.
ثمة من ينظر الى مسألة تحويل نهج المجتمع من اقتصاد رعوي الى اقتصاد انتاجي انه ناتج عن (كبسة زر) يتم الضغط عليها بواسطة قانون او قرار يمكن اتخاذه فتتحول المنهجية الاقتصادية من رعوية الى انتاجية بين عشية وضحاها فيتغير حال المجتمع من مكان الى منزلة وهي نظرة ليست دقيقة معادلة ليست موضوعية، ذلك لان عملية تحويل النهج بحاجة الى خطوط مبينة وعناوين واضحة وسياسية تراكمية وخطط شمولية هذا اضافة لارادة قادرة على بناء هيكلية ادارية تقوم على انظمة الحوافز واعادة توظيف الوصف الوظيفي ليخدم اغراض التنمية وتكوين رزم ضريبية منسجمة من العلامة الفارقة الانتاجية المراد تكوينها بما يبني منازل جديدة حيال الانتاج والانتاجية على ان يكون ذلك منسجم مع محتوى ثقافي يقرن التعليم بمتطلبات السوق والانتقال بسمة المجتمع من طور مساحة السكن الى منزلة منطقة عمل.
واما المدخل الاخر فانها تحدده مسألة تحديد الاشكالات وبيان التحديات وترسيم اولوايات العمل التي من المفترض ان توضح عناوين المرحلة وتبين غايات برنامج العمل بابعاده الاستراتيجية وهذا ما يتتطلب تحديد عمق المشكلة وليس بالوقوف عند قشور التحديات.
فالاردن لا يعاني (من ازمة سكن او ازمة تعليم وازمه صحة) ابدا بل هذه المقومات من الروافع الغنية في الاردن فالاردن يحوي انجازات مهمة على العناية والرعاية وعلى مستويات عليا في تملك ابنائه للسكن ونسبة تعليم تفوق اعتى الدول ومناخات صحية آمنة الى حد الشمولية لكن ما يعانيه الاردن امر مركزي متعلق بالبطالة وتوفير فرص العمل فالتعليم متوفر والسكن متاح والعلاج بامر ملكي مصان لكن الوظائف غير موجودة وليست متوفرة لا بالقطاع العام المتخم ولا بالقطاع الخاص المرهق.
وهذا مرده للثقافة التي كانت سائدة على الدوام عند معظم الاردنيين التي تم عبرها تجميد الاموال باصول ثابتة وكانت غايتها تقوم على بناء منزل وتشييد سكن وكما كانت تسعى اهدافها من وراء الاغتراب للاستثمار بالتعليم للابناء والبحث عن فرص عمل للشباب وهو ما تحقق عبر السنوات الماضية من عمر الدولة لكن مع دخول الدولة الاردنية في مئويتها الثانية فان الاهداف تبدلت وعناوين المشهد قد تغيرت وبات من الضروري بمكان بلورة استراتيجية عمل جديدة تقوم على البناء الذاتي وتوفير فرص عمل في الداخل ضمن برنامج عام يحقق عناوين التنمية والنماء ويؤدي لايجاد جملة تشغيلية من المواد الطبيعية والبشرية الاردنية في اطار رسالة البناء الوطني بحيث تستثمر بالمتغير الناشئ بحسن استثمار للعامل الذاتي وذلك من واقع تغيير نهج وترسيم واقع محتوى يستفيد من المتغير فيهضمه ولا يلفضه..
يتبع فى حلقة قادمة في (برنامج، الاستفاد من المتغير)