السياحة العلاجية والاستشفائية .. حوار مع طبيب
السفير الدكتور موفق العجلوني
12-05-2022 12:10 AM
في لقاء عفوي مع الصديق الطبيب عزام إبراهيم المدير العام لاحد أهم المراكز الطبية في المملكة قبل أيام ، و قبل ان نخوض في موضوع العنوان : السياحة العلاجية والاستشفائية، دار الحديث حول مهنة الطب في الأردن و سمعة الأردن الطبية من حيث المهنية العالية والتقدم الطبي الحاصل في الأردن ، وكيف أصبحت الأردن محجاً طبياً للأشقاء الأصدقاء و لما يتمتع به الأردن من تقدم طبي و خاصة في المهن الطبية الدقيقة ، علاوة على توفر كافة التخصصات الطبية ، بالإضافة الى تكلفة المعالجات الطبية اذا ما قورنت بالدول الشقيقة والصديقة فهي معقولة و غير مرتفعة باستثناء بعض الحالات الشاذة و التي يتم معالجتها من قبل نقابة الأطباء ووزارة الصحة .
علاوة على ذلك فقد كان للتطور الحاصل الذي حققه الأردن وعلى المستوى العالمي في مجالات الطب والعلوم الطبية مفخرة وحكاية تروى بين الدول الشقيقة والصديقة وصولا ً للعالمية في مجالات السياحة العلاجية والإستشفائية؛ حيث ومن خلال الدعم المتواصل من قبل جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه لله، إستطاع الأردن بمقدّراته من الطاقات البشرية المؤهلة - بالرغم من تواضع موارده الطبيعية وعظم التحديات - من تحقيق علامة فارقة في تلك المجالات وعلى المستوى الدولي.
واليوم، وفي ضوء التحديات العالمية المستجدة، وتباين وإختلاف المشهد في ذلك القطاع وبخاصة بالنظر الى آثار جائحة كورونا وفي ضوء الحاجة إلى مقاربات إبداعية تفاعلية في التعاطي مع تلك المستجدات ، فقد شدني حقيقة ما طرحة الدكتور عزام من خلال خبرته الطبية و معايشة السياحة العلاجية و تولية العديد من المواقع الإدارية في عدد من المراكز الطبية في الأردن والخارج ، فقد سلط الدكتور عزام بعض الاضاءات على عدد من الفرص والتحديات التي تعترض مسيرتنا الطبية و السياحة العلاجية والاستشفافية في الاردن و في إستكمال الرؤية التقدمية في تطوير هذا القطاع والحفاظ على مكتسباته الوطنية .
وها انا أحاول من خلال ما تم تناوله من حوار مستفيض مع الدكتور عزام، في ضوء خبرتي المتواضعة كسفير ودبلوماسي مسلكي لأكثر من ثلاثين عاماً، وبحمد الله كان لي دور اعتز به في ترويج الأردن سياحياً و طبياً أنا وكافة افراد عائلتي و هذا موثق في وزارة الخارجية ووزارة السياحة و هيئة تنشيط السياحة و الصحافة الأردنية فقد شدني بقوة ما طرحة الدكتور عزام ، واحببت من خلال هذا الطرح ان اضع امام أصحاب العلاقة من مسؤولين في القطاع العام و القطاع الخاص في هذا المجال ومن خلال" منبر وكالة عمون الإخبارية الغراء " عوامل الجذب و التحديات التي تواجه السياحة العلاجية و الاستشفائية في الأردن والتي تتمثل في المعطيات التالية :
عوامل الجذب والقوة:
الإرث العريق والسمعة الطبية المرموقة للاردن في المنطقة في الحقل الصحي، فلقد تبوء الأردن المرتبة الأولى عربياً والخامسة في السياحة العلاجية على المستوى العالمي، وأصبح الوجهة الرئيسية للعديد من دول المنطقة مثل؛ العراق، ليبيا، السودان، اليمن، سوريا، بالأضافة الى دول مجلس تعاون الخليج العربي .
الإستقرار الأمني والسياسي لما يتمتع به الأردن من نعمتي الأمن والأمان في وسط منطقة غير مستقرة ملئى بالصراعات والنزاعات، فأصبح بمثابة الواحة الخضراء وسط محيط ملتهب من الدماء والحروب.
الموقع الإستراتيجي المميز والقرب الجغرافي مع سهولة الوصول اليه من الدول المجاورة .
التآلف والإنصهار المجتمعي دينياً وثقافياً وإجتماعياً، مع التشابه الكبير في العلاقات والتقاليد واللغة، كل ذلك كان من عوامل الجذب التي تُشعِر جميع الزوار الأشقاء بأنهم في بلدهم ووسط أهليهم، على غير ما قد يفتقدونه في بعض البلدان المنافسة في هذا المجال ...!!!
الطاقات البشرية عالية التأهيل؛ فلقد حظي الأردن بالعشرات من أطباء الإختصاص على أعلى مستوى من التعليم و الخبرة عالمياً، حيث أمضى معظمهم تدريبه وأكتسب خبراته المتراكمة من أرقى الجامعات والمستشفيات والمعاهد الطبية في الولايات المتحدة وأوروبا و العالم .
مواكبة هذه الكفاءات الطبية بإفتتاح عدد من المستشفيات الخاصة والعامة على أعلى المستويات من الفخامة والرقي، وتجهيزها وإعدادها بأحدث الأجهزة والمعدات من كبريات الشركات العالمية، مع رفدها بأفضل الكوادر الفنية والتمريضية التي تم تأهيلها وتدريبها على أعلى مستويات الكفاءة والجاهزية.
توفر المواقع السياحية الراقية ومرافق الإستجمام والنقاهة التي يزخر بها الأردن بما حباه الله من مواقع الإستشفاء الطبيعي ومنتجعات السياحة العلاجية.
التحديات:
الحاجة الملحة لتوفير شركات سياحية متخصصة بالمجال الطبي تتعاون مع المستشفيات والمرضى بشكل مباشر، لتقوم بتسهيل كافة المعاملات وتأشيرات الدخول وعملية الإستقبال من بوابة الطائرة وتقديم جميع الخدمات اللوجستية المتوفرة من مواصلات وحجوزات ورحلات داخلية وخلافه بمبدأ Door-to-Door بمفهومه الشامل.
ارتفاع قيمة الفاتورة العلاجية؛ ويعزى هذا لعدة أسباب من اهمها إرتفاع التكلفة التشغيلية للمستشفيات ، فتخضع المستشفيات مثلاً للتعرفة الأعلى بفواتير الكهرباء، وتحظى الكوادر الطبية بالسقوف الأعلى للرواتب بالإضافة الى أسعار شركات التأمين الصحي المجحفة و غيرها، حيث سببت كل تلك العوامل الى عدم تقيد المستشفيات بالتسعيرة المعتمدة تجنبا للخسارة من ناحية، وكذلك بسبب عدم وجود مراقبة فاعلة عليها من ناحية أخرى.
عدم تقيد أطباء الإختصاص بلوائح الأجور المعتمدة من نقابة الأطباء، وعدم وجود رقابة من النقابة على هذه الممارسات.
عدم وجود نظام فوترة الكترونية، يقوم بعض أطباء الإختصاص بالضغط على المستشفيات لتحصيل أتعابهم خارج النظام و ذلك لأغراض التهرب الضريبي.
عدم وجود رقابة على أسعار شركات المعدات و المستلزمات الطبية، والشراكة المشبوهة بينهم وبين بعض أطباء الاختصاص في مقابل عمولات خارج النظام.
العقوبات بحق المخالفين من المستشفيات أو الاطباء غير رادعة خاصة في مجال إرتفاع الأسعار او التهرب الضريبي، مما يتيح التوسع في مثل تلك الممارسات.
قيام بعض المستشفيات والأطباء في القطاع الخاص باستغلال المرضى من خلال تقاضي اجور عالية جداً و خاصة بدل القيام بالعمليات الجراحية ، الامر الذي يسيء الى سمعة الأردن الطبية و يؤدي الى تحول المرضى الى دول أخرى غير الأردن .
الحلول المقترحة:
تشكيل لجنة مشتركة عليا من الحكومة و القطاع الخاص لتذليل كافة العقبات و مواجهة التحديات التي أدت إلى تراجع السياحة العلاجية، و كذلك عمل الدعاية و التسويق للسياحة العلاجية في كافة الدول المعنية، مع شرح كافة عوامل الجذب و القوة لدينا.
تأسيس ملتقى مختص بالسياحة العلاجية و يضم جميع الأطراف المعنية (مستشفيات، فنادق، شركات طيران، مكاتب سياحية، مراكز استشفائية).
حصر شراء جميع المستلزمات والمستهلكات الطبية من خلال نظام المستشفى وليس من خلال الأطباء والشركات.
فرض عقوبات حاسمة ورادعة تجاه المخالفين من المستشفيات والأطباء والشركات.
تطوير نظام فوترة إلكتروني متطور كفيل بحل معظم هذه المشاكل.
هذه اضاءات حقيقة هامة ليست فقط للقطاع الطبي والسياحي، وانما لكافة القطاعات الاقتصادية في الأردن، فقد بات من الضروري ان تكون الأردن هي الوجهة السياحية العلاجية الأولى في المنطقة وفي استقبال الاشقاء والأصدقاء من الدول الشقيقة والصديقة لما يتمتع به الأردن من بيئة امنة مستقرة واجواء بيئية اجتماعية مريحة. وكفاءات طبية اردنية عالية ومراكز طبية متقدمة تكاد تضاهي الدول الأوروبية والأميركية. علاوة ان الشعب الأردني شعب مضياف يشهد له القاصي والداني وينطبق عليه المثل العربي :
يا ضيفنا لو زرتنا لوجدتنا نحن الضيوف وانت رب المنزل