في عالم الطبخ ، هناك الطعام المسلوق ، الخاص بالمرضى وذوي "الاحتياجات الخاصة" طبيا ، أو الذين يتبعون حمية معينة ، أملا في الوصول لقوام ممشوق ، وقد مياس ، أو هربا من مضاعفات الكولسترول وتكدس الدهون في الدم ، وتصلب الشرايين ، وما شابه من أمراض العصر ، أما في عالم العواطف ، فثمة ما يمكن أن يسمى ترشيد الحب ، وإعادة إنتاجه ، وربما تعليبه ، لتوظيفه على نحو ما لإنتاج عواطف "مسلوقة" ربما تكون غنية بالفائدة "الغذائية" وجدانيا ، لكنها سيئة الطعم ، أو على الأقل ، ليست شهية بما يكفي لالتهامها بلذة ، كما "نلتهم" العواطف المشوية أو المقلية ، أو المعدة بالصواني بالفرن،
إذا طالت مدة العلاقة بين الرجل والمرأة ، خاصة في سياق مؤسسة الزواج الرسمية ، يتعين على الشريكين أن يختارا بين "شعط" عواطفهما ، وفق طريقة "طبخ" سريعة ، تستلهم أساليب مطاعم الوجبات السريعة ، المليئة بـ "نفايات" الطعام ، ولكنها غنية بالتوابل والمشهيات الكاذبة ، المصنعة والمصطنعة ، أو عليهم أن يلوذا بحيل مستحدثة ، فيستفيدا من تجارب أصحاب الصحة المعتلة ، من المضطرين للتعايش مع أمراض مزمنة ، فيتعاطوا مع عواطفهم وفق أسلوب الحمية العاطفية ، المعتمدة على سلق المشاعر ، وتفريزها في وجبات منتظمة ، لاستعمالها حين الضرورة ، على نحو منتظم ، ودقيق ، كي لا تصاب صحة المشاعر بانتكاسات مفاجئة ، تدخل الشراكة كلها إلى غرفة الإنعاش ، أو العناية الحثيثة،
إيقاعات حياة المدينة الكبيرة ، وتشابك علاقاتها ، وطغيان "تقنين" الحب والعواطف ، على تلقائيته ، يفرض أحيانا استعارة أسلوب "سلق العواطف" للتعامل مع الآخرين ، في محيط العمل ، والتعايش مع الشركاء المفروضين ، في الشارع كما في مكان السكن ، والعمل أيضا ، وربما يحتاج الأمر هنا إلى ما سماه أحد الأصدقاء (حفظا لحقوق النشر والملكية الفكرية،) إعادة تدوير الضمير ، ذلك أن الانسان المعاصر ، المشتبك مع ذاته ومع ما يحيط به ، قد يلجأ إلى "استهلاك" ضميره ، وفق اجتهادات ورؤى غامضة أحيانا ، ويضطر لما يشبه التخدير أو حتى التدمير ، ويكتشف بعد طول استغراق في هذا الأسلوب من الحياة ، أن رصيده من الضمير نفد أو أوشك على النفاد ، فيلجأ للملمة ما بقي من شظايا الضمير ، ويعيد تدويرها ، أو إعادة استعمالها ، بعد تأهيلها ، على نحو ما يفعله دعاة الحفاظ على سلامة البيئة ، حين يعيدون تدوير المواد المستعملة كالورق والبلاستيك وبقايا الحديد ، ويجهزونها لاستعمالات جديدة،