قبل يومين وأثناء متابعتي في ساعات الفجر الأولى لأحداث مداهمة قوات الإحتلال الإسرائيلية الهمجية لقرية سيلة الحارثية الفلسطينية وقيامها بهدم بيت عائلة الرجبي وخلال وقت قصير وصلت الشهيدة شيرين أبو عاقلة إلى الموقع وكانت كعادتها كاللبؤة لتغطية ونقل أحداث الجريمة الإسرائيلية بحق مواطنين فلسطينيين لا ذنب لهم إلا أنهم مرابطين على أرضهم أدارت أمتهم ظهرها لهم وتركتهم بين أنياب الضبع الإسرائيلي ليواجهوا مصيرهم لوحدهم و بأنفسهم، وقد لاحظت بعيون الجنود الإسرائيليين نظرات الحقد والشر إلى الشهيدة وطاقمها التي كانت تقترب كثيرا من الخطر لتكون قريبة من تفاصيل الحدث لنقله إلى العالم ، فقد كانت دوما قريبة من الموت كما كانت تردد هي بنفسها.
شيرين أبو عاقلة صباح اليوم انضمت إلى مئة ألف شهيد فلسطيني منذ عام 1967 قضوا على أرضهم وهم يدافعون عن حقهم وعن حق شعبهم في الحرية أمام اعين عالم منافق منحاز لعصابات إسرائيلية لا تعترف بقدسية حياة وإنسانية إضافة إلى مليون أسير.
منذ ما يقارب 25 عاما وشيرين و زملاؤها يحملون مسؤولية نقل الحقيقة من فلسطين إلى العالم كله على مدار الزمن معرضين أنفسهم إلى مخاطر الهمجية الإسرائيلية التي تسقط من حساباتها قدسية الصحافة واحترامها وأصبحوا شوكة في حلق زعماء القتل هناك وشهداء على جريمة تمتد لعشرات العقود تحت أنظار عالم يدّعي التحضر والعدالة ويشيح بنظره عما يقوم به الكيان الإسرائيلي من اختراق لكل مواثيق السماء والأرض بهمجية و غطرسة لم يعرفها تاريخ البشرية.
اليوم شكل اغتيال الزميلة شرين أبو عاقلة في فلسطين شهادة جديدة ليس فقط على جرائم أسرائيل بل أيضا على أولئك الذين ظنّوا واهمين أن هذا الكيان المعتدي المغتصب الذي أقيم على دماء الفلسطينيين يحترم معاهدات واتفاقات وأنه من الممكن أن يكون مأمون الجانب، وغاب عنهم أن هذا الكيان الغاصب لا يحترم حياة ولا يقر بحق الآخرين بها فكيف يطمئن هؤلاء ويجاملونه ويتسولون وده الذي لن يروه أبدا، الاسرائيليون ينقلبون على كل الاتفاقات و المواثيق " كلما عاهدوا عهداً نقضه فريق منهم" لقد وصل ببعض هؤلاء أمس أن يجاملوا حتى في تغطية الحدث المزلزل في اغتيال شيرين أبو عاقلة خوفاً من عتب الأصدقاء وهنا تبرز إشكالية قسم كبير من الإعلام العربي وارتباطه بتلوث السياسة.
لقد شكلت مسيرة شيرين أبو عاقلة وزملائها في فلسطين شهادة تاريخية على ما يجري هناك من جرائم بشعة كما شكلت أيضا شهادة حق على كل المؤامرات التي تصاغ في العتمة على مصير فلسطين و أهلها و كانت شهادة أبو عاقلة اليوم شهادة جديدة على هؤلاء.
ترى لو أن ما وقع للشهيدة ابو عاقلة في فلسطين اليوم وقع لأحد الصحفيين الغربيين في أوكرانيا ماذا كان موقف هذا العالم المنافق.
سؤال في رسم الإجابة لكل مدّع للعدالة في عواصم الغرب.
وسؤال آخر لأصحاب القرار في أمريكا الذين أرسلوا أسلحة بمليارات الدولارات للدفاع عن مواطني أوكرانيا فماذا سيفعلون اليوم بعد أن قتلت صحفية تحمل الجواز الأمريكي بالرصاص الإسرائيلي من جيب المواطن الأمريكي.