مسجد بقرب مركز التجارة العالمي
د. فهد الفانك
27-08-2010 03:39 AM
تقوم مجموعة من المسلمين الأميركيين ، بقيادة الإمام فيصل عبد الرؤوف ، بمشروع بناء جامع قرطبة ومركز ثقافي إسلامي من 13 طابقاً قريب من برجي مركز التجارة العالمي اللذين انهارا بفعل عملية انتحارية للقاعدة قبل تسع سنوات ذهب ضحيتها نحو ثلاثة آلاف شخص بينهم عشرات المسلمين والعرب.
للوهلة الأولى يبدو كأن اختيار هذا المكان بالذات ، لإقامة المسجد والمركز الثقافي الإسلامي ، يشكل استفزازاً ، لذوي الضحايا وللشعب الأميركي ، حيث يدل أحد استطلاعات الرأي على أن 68% من الأميركيين يعارضون المشروع.
هذا هو ظاهر الأمور ، فما هو الواقع؟ ُيلاحظ أن الموقع المختار ليس مجاوراً لأرض مركز التجارة العالمي بل يبعد عنه ثلاثة شوارع. وأن المجموعة التي تتبنى المشروع تمثل مدرسة الإسلام المعتدل والوسطي ، المضاد للإرهاب بشكل عام وللقاعدة ورئيسها ابن لادن بشكل خاص.
مصلحة أميركا في حربها على الإرهاب كانت تقتضي أن تبادر لتشجيع القيام بمثل هذا المشروع ودعمه ، فما يرّد على التطرف والإرهاب هو الاعتدال والتسامح. وهناك مواقف موثقة للإمام عبد الرؤوف في الدعوة للاعتدال والوسطية والتسامح والتعايش. وهو القائل: ما هو جيد للإسلام جيد لأميركا. يكفي أنه يقوم حالياً بجولة شرق أوسطية بتكليف وتمويل أميركي رسمي.
الحملة الإعلامية والتحريضية ضد المشروع تتزعمها منظمة يهودية تسمي نفسها جماعة مكافحة الكراهية ADL ، ومن مصلحتها أن تظل صورة الإسلام مرتبطة بالإرهابيين وليس بالمعتدلين فهي ، بعكس اسمها ، من أكبر دعاة الكراهية. لكن حملة التحريض هذه لم تكتسب شرعية ، فقد رفضها عمدة نيويورك ومجلس البلدية ، ورفضها الرئيس الأميركي أوباما ، ووقفت ضدها معظم وسائل الإعلام الحرة.
المعارضون للمشروع في الجانب العربي والإسلامي يخشون أن يعمل وجود المسجد بقرب مركز التجارة العالمي إلى إعادة التذكير الدائم بضربة 11 سبتمبر.
خلافاً لأوروبا ، لا تعتبر أميركا نفسها دولة مسيحية ، أو أن المسيحية هي الدين الرسمي للدولة ، فالدولة علمانية ، وهناك فصل كامل بين الدولة والمؤسسة الدينية ، ومن حق كل فرد أميركي ، بصرف النظر عن أصله وفصله ، أن يعتنق ويمارس هذا الدين أو ذاك ، أو أن لا يعتنق أي دين ، حسب ضميره الحر ، شريطة أن لا يخالف القانون ولا يعتدي على حرية الآخرين.
الراي