تخريب آثار جرش من قبل أحد المواطنين او اكثر ، و مشاهد اخرى نراها و نسمع عنها في كل يوم لا يمكن ان يخرج تعليلها و تحليلها عن
"نظرية النافذة المكسورة":

قام مجموعة من خبراء علم النفس الاجتماعي بترك سيارتين بأبوابٍ مفتوحةٍ ولوحات أرقامٍ مفقودةٍ في منطقتين مختلفتين ، إحداها في أحد الاحياء الشعبية منخفضة الدخل والأخرى كانت في أحد الأحياء الراقية

بدأ المارة في الحيِّ الشعبي بسرقة وتخريب السيارة في بضع دقائق وتمّ تدميرها بالكامل في وقت قصير، تطلّب الأمر وقتاً أطول للمارة في المنطقة الراقية لبدء تدمير السيارة ، و عندها قاموا بكسر إحدى نوافذ السيارة الموجودة في الحي الراقي ، فبدأ الناس بكسر المزيد من النوافذ وسرقة السيارة ، و استغرق الأمر وقتاً مشابهاً للحيِّ الشعبي لتحويل السيارة بالكامل إلى خردةٍ في بضعة أيام .

ثم قاموا بإجراء دراساتٍ مماثلةٍ على مبانٍ وممتلكاتٍ أُخرى في مناطق مختلفةٍ و كانت النتائج واحدة، وإستحدثوا نظريّةً أطلقوا عليها "نظرية النافذة المكسورة"

النظرية يإختصار تقول بأن إهمال معالجة أيّ مشكلةٍ في أي بيئة "بغضّ النظر عن صغر حجمها " سيؤثّر على مواقف الناس و سلوكهم في تلك البيئة بشكلٍ سلبيٍّ و تكون النتيجة زيادة عدد المشاكل وحجمها، والعكس صحيحٌ أيضاً ، فمعالجة المشاكل الصغيرة في وقتٍ سريعٍ سيؤدي الى بيئةٍ أفضل وسلوكٍ أحسن...

والأمر المفلت الذي دعم نتائج الدراسات هو أنّ الأشخاص الذين قاموا بالتخريب المتعمّد للسيارات والمباني لم يكونوا مجرمين ، بل كان معظمهم من عامّة الناس والمواطنين الملتزمين بالقانون..

وكأن النافذة المكسورة أرسلت رسالةً خفيةً تُوحي لهم بأنّه "لا أحد يهتمّ وعلى الأرجح لا توجد عواقب لتلك الأفعال، ومن أمِن العقاب والمحاسبة أساء الأدب و السلوك"..

ومن الأمثلة التي نراها في كل يوم عن تلك النظرية:

* إذا ترك أحدهم بعض القمامة في حديقة عامة، ولم تتم إزالة تلك القمامة في وقت معقول، ولم تطبق أي عقوبات على من رماها، فإن ذلك سيؤدي قيام أشخاص آخرين بنفس الفعل في الحديقة ذاتها وفي غيرها وستتحول الحدائق إلى مكبات قمامة...

* وإذا سمح معلمٌ لأحد الطلاب بالغش في امتحان مادّةٍ ما، فسيكون الغش مقبولاً في إمتحاناتٍ أخرى ، و سيفعلها طلّاب آخرين ...

* السكوت او التغاضي عن الفساد مهما كان صغيراً في المؤسسات العامة و الخاصة سيصبح مقبولاً و سيزداد حجمه يوماً بعد يوم ...

لذلك فإنّ تجاهل المشاكل الصغيرة اليوم سيؤدي إلى مشاكل أكبر بكثيرٍ في المستقبل..

في الواقع الحالي ، هناك العديد من القضايا الصحية والبيئية والإجتماعية التي نواجهها في يومنا هذا ، كانت نتاج تراكماتٍ لأفعال وسلوكياتٍ وظروفٍ خاطئةٍ صغيرةٍ تمّ تجاهلها وعدم معالجتها في الماضي..

المطلوب من الجميع إصلاح النّوافذ المحطّمة حفاظا على حياتنا و قيمنا و حاضرنا و من اجل مستقبل أفضل ...

فأُردُننا يستحق الأفضل دوماً.