بُشرى سارة بثتها المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي للأردنيين، وخصوصًا لمُتقاعديها وورثتهم، والتي تتضمن زيادة شهرية على الرواتب بلغت قيمتها 4 دنانير و60 قرشًا.
لا أحد يعرف لماذا تقوم هذه المؤسسة، التي باتت تُعتبر الملاذ الوحيد، لجل الأردنيين، بعد رب العرش العظيم، كل فترة وأخرى بإجراء أو قرار يستفز الشعب الأردني، الذي أصبحت صفة “المسكين”، مُلازمة لأكثريته؟
من المعلوم، بأن مؤسسة الضمان تربط الزيادة على رواتب المُتقاعدين بـ”التضخم، وغلاء الأسعار”، ومعلوم أيضًا بأن من يقوم بحسبة نسبة التضخم هي دائرة الإحصاءات العامة.. لكن، تتناسى “الضمان”، ومن قبلها الحُكومة بأذرعها المُختلفة، بأن غلاء الأسعار أصبح أكثر من فاحش، والتضخم في أوجه، وفقدان الدينار لقيمته داخليًا، بات يقينا لدى الصغير قبل الكبير.
عندما يتم زيادة مبلغ شهري مقداره 4.6 دينار للأسرة الأردنية، المُكونة من خمسة أفراد، وهو مُتوسط عدد الأسر في المملكة، فإن ذلك يعني بأن كل فرد يحصل على 92 قرشًا شهريًا، أو بمعنى ثان يحصل على مبلغ مالي يُقدر بنحو ثلاثة قروش يوميًا!
للأسف، تتناسى مؤسسة الضمان وكذلك الحُكومة، بأن لجنة تسعير المُشتقات النفطية عندما تُقدم على رفع أسعار المحروقات، فإنها ترفع سعر الصفحية الواحدة من مادة البنزين بنوعيه، ذات الـ20 لترًا، ما يقرب من السبعين قرشًا في المتوسط الحسابي، وأقل من ذلك بقليل بالنسبة لمادتي السولار والكاز، كما أن البنوك عندما تقوم برفع أسعار الفائدة، بناء على قرارات البنك المركزي، فإن قيمة الرفع تبلغ بالمتوسط الحسابي نحو 20 دينارًا شهريًا.
ولكي يتم استفزاز المواطن الأردني بطريقة مؤلمة وفجة، يُصرح الناطق الإعلامي باسم مؤسسة الضمان، بأن هذه الزيادة يستفيد منها حوالي 184 ألف شخص، من مُتقاعدين وورثة.. إن ذلك يعني، وبحسبة بسيطة، أن نصيب كل فرد من هؤلاء هو 54.3 دينار سنويًا!!.
“الضمان” تؤكد على لسان ناطقها الإعلامي، بأن تكلفة تلك الزيادة “تبلغ أكثر من 10 ملايين دينار سنويًا”.. والسؤال الذي يطرح نفسه هُنا لماذا لا يتم استغلال هذا المبلغ بطرق أخرى، تعود بنفع أكثر على المواطن، خصوصًا بأن الموضوع يحتاج فقط إلى تعديل بسيط على قانون “الضمان”، والذي شهد على مدار العقد الماضي فقط، أكثر من ثلاثة تعديلات، وهُناك تعديل آخر، يُطبخ على نار هادئة، سيرى النور قريبًا، من المتوقع أنه سيقضي على ما تبقى من أمل لدى الأردنيين.
تعديل بسيط، يضمن توزيع الملايين العشرة تلك على نحو 50 ألف مواطن أردني ممن يُعانون الضنك وقلة الحيلة، ويقبعون في بطالة حقيقية، إذ يكون نصيب الشخص الواحد من هؤلاء 200 دينار، ولا يوجد ما يمنع من التنسيق بشأن ذلك مع صندوق المعونة الوطنية!.. تعديل بسيط يضمن المُساهمة بدفع نسبة من اشتراكات الشيخوخة لمنُتسبي الضمان، وبذلك يتم تحقيق هدفين، الأول مُساعدة الشركات الصغيرة والمُتوسطة في القطاع الخاص على بقائها في السوق ومن ثم تخفيف الحمل عن كاهلها، والثاني ضمان عدم الاستغناء عن الموظف، بحجة أن قيمة الاشتراكات مُرتفعة، وهي كذلك بالفعل.
تعديل بسيط، يضمن حصول المُتقاعد أو ورثته على زيادة “مُحترمة”، ولا يوجد ما يمنع من استثناء أولئك الذين تتجاوز رواتبهم الشهرية التقاعدية الـ700 دينار، من الزيادة السنوية، واقتصارها على أصحاب الرواتب المُتدنية، وبذلك تكون الزيادة مُجزية.. كل ما هو مطلوب لإنصاف المواطن، أو على الأقل عدم استفزازه مُجددًا، فقط وجود إرادة حقيقية وتعديل بسيط على قانون الضمان!.
(الغد)