عالميًا .. القادم ليس "أفضل" فماذا نحن فاعلون؟!
عوني الداوود
09-05-2022 12:08 AM
التوقعات الاقتصادية العالمية تذكرني تماما بتوقعات منظمة الصحة العالمية ومختلف دول العالم لجائحة كورونا وتداعياتها بداية ظهورها، حيث غلب عليها التخبط والتوهان !! وسريعا ما كان واقع الحال يخالفها ويغيّر وسائل مواجهتها.. لذلك وبعد أن ظنّت كثير من دول العالم دخولها مرحلة التعافي الاقتصادي بعد جائحة كورونا ..وساعد على ذلك بالفعل ارتفاعات في معدلات النمو ( وان كان بديهيا مقارنة بسنة الجائحة 2020 وما بعدها 2021 ) الا أنّ العالم فوجئ بحدث جلل ليس على الصعيد العسكري فحسب بل والاقتصادي بسبب الحرب في اوكرانيا، وما تلاه من عقوبات اقتصادية على روسيا (أكبرمصدّر للغاز وللقمح في العالم)، وضغوطات على الصين (ثاني اكبر اقتصاد في العالم) مع التذكير بأن اوكرانيا- ساحة الحرب -هي سلة الغذاء للقارة الاوروبية تحديدا ولكثير من دول العالم .
لا أحد اليوم يعلم متى ستنتهي الحرب في اوكرانيا، التي لو توقفت اليوم فسيحتاج الاقتصاد العالمي لعدد من السنوات من أجل التعافي من آثارها ، وكل يوم يمر يعني خسائر بمئات الملايين لدول، ومليارات للاقتصاد العالمي .
لذلك لا احد يستطيع ان يتوقع الي أين يتجه الاقتصاد العالمي اليوم وغدا ، ومن هنا نجد أن صندوق النقد الدولي - على سبيل المثال - الذي يصدر تقريرين في العام عن توقعات أداء الاقتصاد العالمي، أجرى تعديلات في تقريره الأخير (أكتوبر/ تشرين الاول) العام الماضي وتوقع نموا للناتج المحلي الاجمالي العالمي في حدود (5%) ليخفّض ذلك التقدير بداية العام الحالي (2022) إلى ما بين (3 - 3.5 %) ،وقد يصدر عنه تقرير جديد بمزيد من التخفيض لتوقعات نمو الاقتصاد العالمي .
أيضا، اعتذر- الشهر الماضي - رئيس منظمة التنمية والتعاون الاقتصادي التي تقدم المشورة الاقتصادية لعشرات الدول الصناعية الكبرى عن إصدار تقرير مستقبل الاقتصاد الدوري كالمعتاد، ونقل عنه قوله بأن منظمته ليست في وضع يسمح لها بالتوقع في ظل الظروف الحالية ( الحرب في أوكرانيا).
من هنا نجد أن كثيرا من الدول تعمل وفقا لسيناريوهات متغيرة و/أو قابلة للتعديل وفقا للمستجدات التي تطرأ خصوصا ما يتعلق بأمن التزود بالطاقة والامن الغذائي ، مع مواجهة جميع تداعيات الازمتين ( كورونا - وأوكرانيا ) على الاقتصادات، بدءا من تعطل سلاسل التوريد وتراجع الانتاج العالمي خصوصا في المواد الغذائية الاساسية والمواد الأولية والطاقة بمختلف اشكالها وخصوصا الغاز، وكذلك الاسمدة ، وزاد «الطين بلّة «:
- ارتفاع معدلات التضخم في كثير من دول العالم الى مستويات قياسية تاريخية ، الأمر الذي بات يهدد دولا كبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا بركود اقتصادي.
- عودة الصين التي تمثل قاطرة الاقتصاد العالمي الى الاغلاقات بسبب عودة انتشار جائحة كورونا مما سيقضي على فرص استمرار النمو في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وسط هذه الصورة « الضبابية « ماذا نحن فاعلون في الاردن ؟
أولا :نحن ولله الحمد، وبفضل حكمة وحنكة وتوجيهات جلالة الملك عبد الله الثاني استفدنا كثيرا من التحوّط المبكر لمواجهة جائحة كورونا فانعكست ايجابيات ذلك في مواجهة تداعيات الحرب في اوكرانيا حيث لدينا احتياطات من الحبوب الاساسية ولدينا امدادات وافرة من الطاقة والغاز، ولا نعاني من ارتفاعات مزعجة في معدلات التضخم - كما في كثير من دول العالم - بل اننا سنستفيد مما يحدث من خلال:
-زيادة الطلب على البوتاس والفوسفات مع ارتفاع اسعار المادتين عالميا بسبب النقص العالمي في الاسمدة ، الامر الذي سيرفع صادرات المملكة من هاتين المادتين ويزيد الارباح ويزيد ايرادات الخزينة الضريبية من هاتين المادتين.
-انتعاش اقتصادات دول الخليج المجاورة بسبب ارتفاع اسعار النفط عالميا سينعكس ايجابا على حوالات المغتربين ، وعلى السياحة وربما سوق عمان المالي.
من هنا نؤكد على ضرورة مواجهة ما قد يحدث من خلال اجراءات عديدة في مقدمتها:
-ازالة جميع المعوقات - حيثما وجدت - أمام قيام شركتي (البوتاس والفوسفات) بزيادة انتاجهما ورفع قدراتهما التصديرية لمواكبة زيادة الطلب الاقليمي والعالمي.
-مزيد من الاجراءات والقرارات "المتوازنة" بين السياستين النقدية ( لمواجهة التضخم ) والمالية (لتحفيز النمو) ولتشجيع الاستثمار وخلق فرص العمل.
(الدستور)