جودة التعليم خطوة في الإتجاه الصحيح
د.عبدالله القضاة
07-05-2022 11:03 PM
تصدر التعليم في الأردن الدول العربية في مؤشراته الكمية المعتمدة من " اليونسكو" منذ ثمانينات القرن الماضي، وقد بذلت جهود وطنية في التخطيط والتي أكدت في مجملها على تطوير التعليم والتوسع الكمي والنوعي له، وعلى الرغم من الجهود المبذولة إستمرت التحديات التي تعيق تحقيق أهداف التطوير التربوي بشكل عام والتطوير النوعي للتعليم بشكل خاص، وهناك العديد من الأسباب ولعل أهمها إرتفاع معدلات النمو السكاني، ومحدودية الإمكانات، إضافة إلى القصور في السياسات والإجراءات الناظمة للعمل، وتكوين الكوادر البشرية تأهيلا وتدريبا. الأمر الذي أدى الى تراجع النظام على مستوى التحصيل من جهة ، والجانب السلوكي( نحو السلبية) من جهة أخرى.
ووفقا لتقرير جودة التعليم الصادر عن المنتدى الإقتصادي العالمي (2017) إحتل الأردن المرتبة السادسة عربيا وحافظ على هذه المرتبة في (2020، 2021) على التوالي، مع تراجع على المستوى العالمي من (53) عام 2020 الى(58) عام 2021، ولا اريد هنا إستعراض جميع المؤشرات وخاصة الفنية، كون الخطط الإستراتيجية للجهات المعنية أشارت بالتفصيل لأهم التحديات التي تواجه القطاع، وأظهرت الحكومة الحالية إهتماما واضحا في معالجة هذه التحديات.
الحكومة الحالية، ومن خلال مجلس التعليم العالي، إتخذت سلسلة من الإجراءات التصحيحية والتي يتوقع أن تسهم في رفع مستوى جودة التعليم على المدى المتوسط والبعيد، ومنها: تعديل تعليمات وشروط الدراسة خارج الأردن في الجامعات غير الأردنية،حيث تمت الموافقة على رفع الحد الأدنى لمعدلات القبول في الثانوية العامة الأردنية أو ما يعادلها لغايات الالتحاق بالجامعات غيـر الأردنية خارج المملكة وذلك اعتباراً من بداية العام الجامعي (2023/2024) بحيث يكون معدل (85%) حدا أدنى لدراسة الطب وطب الأسنان ، ومعدل (80%) حدا أدنى لدراسة تخصصات الهندسة والعمارة، والصيدلة، والطب البيطري، فيما تطبق الحدود الدنيا لمعدلات القبول في الجامعات الأردنية الرسمية لباقي التخصصات.
ومن القرارات المهمة التي إتخذتها الحكومة أيضا، الموافقة على أن تكون فتـرة الإقامة والانتظام طول فترة الدراسة في بلد الدراسة لدرجة البكالوريوس إعتبارا من التاريخ المشار اليه، وأن تكون فترة الإنتظام والإقامة في بلد الدراسة لمدة سنة دراسية واحدة بواقع (8) أشهر ويمكن تجزئتها بحيث لاتقل عن (4) شهور متصلة أو فصل دراسي لحين إتمام مدة الإقامة المطلوبة ولجميع التخصصات، والإنتظام والإقامة في بلد الدراسة لمدة(5) فصول دراسية بواقع (20) شهرا يمكن تجزئتها بحيث لاتقل عن (4) أشهر لحين إتمام مدة الإقامة المطلوبة لجميع تخصصات درجة الدكتوراه.
لا شك أن هذه القرارات تشكل نقلة إستراتيجية هامة في سياسات التعليم الوطني ، لكنها غير كافية، فمطلوب من الحكومة ضبط مدخلات التعليم العام بالتركيز على النوع وليس الكم، وتنفيذ الورقة النقاشية السابعة التي أطلقها جلالة الملك بضرورة ردم الهوة بين التعليم النظري والتطبيقي وتعزيز التعليم المهني من خلال تحسين الصورة الذهنية لدى الجيل نحو هذا التعليم والحد تدريجيا من الإقبال نحو التعليم الجامعي من خلال سياسات إبتكارية، ففي الدول المتقدمة لاتزيد نسبة الملتحقين بالتعليم الجامعي عن (20%) من نسبة خريجي الثانوية العامة، ولابد من تطبيق كافة معايير الإعتماد وضبط جودة التعليم على المدارس والجامعات الرسمية قبل الخاصة، وضرورة التوجه نحو توحيد المناهج وحوسبة الإختبارات وتوحيدها بين الجامعات الرسمية والخاصة لتحقيق العدالة بمستوى نتائج خريجي هذه الجامعات بالتركيز على المهارات وخاصة تلك التي تتطلبها وظائف ومهن المستقبل.
* امين عام وزارة تطوير القطاع العام ، مدير عام معهد الإدارة العامة سابقا.
a.qudah@yahoo.com