كنا قد ناقشنا في المقالين السابقين البيئة السياسية التي ورثها جيل الشباب في هذا الوطن الحبيب، وكان لا بد من تلك اللفتة حتى نوضح سبب عدم تشجع الشباب للعمل السياسي والحزبي، حيث بينت الدراسة التي أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية أن واحد بالمئة (١%) فقط هم من المهتمين بالعمل الحزبي، وهذه النتيجة متوقعة في ظل كل ما ذكرناه في المقالين السابقين إلا أنه وبعد إقرار مخرجات لجنة تحديث المنظومة السياسة والتي عملت على تمكين الشباب ضمن الأطر الدستورية والقانونية، أصبح هناك حوافز ودوافع متعددة تمكن الشباب من الانخراط بالعمل السياسي والحزبي.
هنا يأتي دور النخب السياسة التي يجب أن تعمل على تشكيل أحزاب جديدة أو أن تسعى إلى دمج بعض الأحزاب القائمة، والسعي أيضاً مطلوب من النخب الشبابية للانخراط في عمليات التأسيس أو الدمج المنشودة في مراحلها الأولية، ويجب أن يكون ذلك عن طريق عكس رؤاهم وتصوراتهم لمستقبل الحياه السياسية والحزبية في الأردن.
سيكون لإشراك الشباب في هذه المراحل المبكره أثر معنوي قوي في نفوسهم، وانطلاقاً من إيمانهم بأفكارهم وجهدهم المبذول، سيتكون لديهم دافع قوي للاستمرار، وإصرار على المشاركة في رسم الصورة المنشودة حتى اكتمالها.
ولكن ماهي الأحزاب التي نريد وما هي الأدوار المطلوبة؟
- الأحزاب التي نريد
إن الهدف الرئيسي للأحزاب هو الوصول إلى قبة البرلمان، والقدرة على تشكيل كتل نيابية برامجية تستطيع المشاركة في الحكومات البرلمانية، ولكن إذا لم تمتلك هذه الأحزاب برامج في كل قطاع من القطاعات المختلفة ( قطاع الطاقة، النقل، التعليم العام، التعليم العالي، الصحة، الاستثمار......... إلخ) فلا داعي لمشاركتها في العملية السياسية، لأن الهدف الرئيسي اليوم هو تنافس بين برنامج وليس تنافس على مصالح.
- المطلوب من النخب السياسية
من المعروف أن اغلب النخب السياسية على الساحة الأردنية مستهلكة وفاقدة لمصداقيتها، وانها تعتبر جزءاً من المشاكل التي نعاني منها، إلا أنها ما زالت تعمل وتحاول إعادة إنتاج نفسها من خلال الاحزاب. وهنا لا بد أن تكون وقفة مع الذات ومراجعة حساب مع النفس وإعطاء فرصة للشباب للتقدم إلى الصفوف الأولى في العمل السياسي والحزبي، وأن تبقى هذه النخب داعمة للشباب من الخلف بخبرتها لمصلحة الوطن ومصلحة الأجيال القادمة.
- ما المطلوب من الشباب
أعي تماما تخوفات الشباب وحرصه الحصول على فرص عمل حقيقية تحاكي مهارته وإبداعاته الفردية، وايضاً تخوفاته المبررة من الملاحقات الأمنية، ولكن يجب أن لا تكون هذه الأسباب منفرة لهم عن الانخراط بالعمل السياسي والحزبي فهذه مرحلة جديدة تشهدها البلاد بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني حفظة الله ورعاه، وهنالك ايضاً استحقاقات يجب أن تتحصل للشباب، فمقاعد مجلس النواب بانتظارهم ولكن مشاركتهم بفعالية هي ما سيحدد مصيرهم في هذا القطاع السياسي، فإما أن يكونوا هم قادة التغيير والقيادات المستقبلية وأمل الأردن، وإما أن ينكفئ الشباب على نفسه، فالخيار بين أيديهم.