معظم الآلاف من البشر الذين ولدوا في العام 1900 كتب عليهم ان يعيشوا حربين عالميتين في غضون 30 عاماً (1914-1945). ومن رحل منهم عام 1945 يكون قد قضى من عمره 10 سنوات من الحروب خطفت 22% من سنوات عمره. تبعها شقاء سنوات اخرى تقل او تكثر تلت كل حرب من الحربين الدمويتين. لكن الاهم ان عشرات الملايين قد ماتوا أو جرحوا وعانوا من إعاقات سواء من الجنود او من المدنيين.
ليسوا اكثر حظا من هؤلاء من عاشوا قبلهم ليعاصروا حروب الكنائس والبابوات والاباطره في اوروبا وآخرها حرب الثلاثين عاماً كأطول حرب دينيه في تاريخ اوروبا جرت بين كاثوليك اوروبا والمانيا البروتستنتيه (1618-1648) دمرت فيها 700 قريه المانيه ، وقضى فيها 8 مليون معظمهم من الالمان . وبعدها انتقلت اوروبا إلى دول مدنيه علمانيه بنظام سياسي ديمقراطي لكنها اصبحت اكثر دموية تجاه باقي العالم .
قبل ذلك وعلى مدى القرون الوسطى (1200-1600) لم تتوقف حروب البشر الدمويه داخل القاره الاوروبيه على اسس مذهبية بين ابناء الدين الواحد . ثم بين المسلمين (العثمانيين) والمسيحيين في اوروبا صراعاً على النفوذ وحرباً بين الاديان . وعاصرتها وتجاوزتها حرب الثلاثماية عام بين العثمانيين السنه والفرس الشيعه فكانت اول سبب في انهيار الدولة العثمانيه التي ارهقتها الحرب .
ولأنني سأقصر سرد دموية بني البشر المتواصله على الفتره منذ ظهور الاسلام فإن الحرب لم تتوقف بين المسلمين العرب والفرس المجوس والرومان المسيحيين منذ 600 م وحتى نهاية الامبراطوريه العباسيه عام 945م ، ثم لتتجدد مع الحروب الصليبيه (1000م-1300م) التي تصدى لها الفاطميون والايوبيون والمماليك . وفي نفس الفتره سقطت بغداد بيد المغول في العام 1258م. لتظهر الحرب بعد ذلك بين الدولة العثمانيه واوروبا 1400-1914 لاسباب دينية ايضاً.
بعد الحرب العالمية الثانيه (1939-1945) نثرت اوروبا الديمقراطيه شرورها على العالم حتى اسلمت القياده لامريكا اواسط الخمسينات من القرن الماضي فملأت الدنيا حروباً في قارات آسيا وافريقيا وأمريكا اللاتينيه .
المضحك المبكي النظريات الدينيه التي تعتبر الانسان مدنياً بطبعه شريراً وانانياً بالاكتساب . الانسان اناني بطبعه وشرير دموي فشلت حتى الاديان في تهذيبه . كما ان المجتمعات المدنيه لم تفلح هي الاخرى في لجم شروره ودمويته .