من الواضح اننا أمام صيف يزداد سخونة يوما بعد يوم «وذلك بالمعنيين المناخي والسياسي معا،» واذا كان اتقاء حرارة الصيف بالمعنى المناخي أمرا سهلا ، اذا ما توفرت المكيفات والسوائل الباردة ، فان مواجهة الصيف السياسي الساخن تستدعي التحلي بأقصى درجات الوعي واليقظة ، ليس فقط من قبل صانعي القرار ، بل من جميع أبناء الوطن بدون استثناء.
ففي العراق ثمة أوضاع لا تبعث على الاطمئنان.. فالفتنة الطائفية المقيتة التي زرعها الاحتلال ما زالت تهدد أمن واستقرار البلاد ، كما أن مأزق الاحتلال يتعمق يوما بعد يوم على ضوء ازدياد الخسائر العسكرية ، وتنامي عدد المعارضين للحرب في واشنطن حتى في الحزب الجمهوري الذي ينتمي اليه الرئيس بوش.. ومن الممكن أن تتسارع الأمور فجأة بشكل يصعب تخيله مما يشكل خطرا ليس على العراق ، بل على جواره العربي أيضا.
أما في فلسطين ، فهناك أوضاع مفتوحة على كل الاحتمالات.. ولا يمكن لهذا الهدوء النسبي أن يدوم طويلا.. فالأزمة الداخلية الفلسطينية ما زالت كامنة تحت الرماد ، ويمكن أن تنفجر في أية لحظة.. و«قنبلة» غزة قد يسمع دويها في أي وقت ، كما أن الضفة الغربية التي يضيّق الاحتلال الخناق عليها بممارساته الاستفزازية وبالاستيطان والجدار العازل مرشحة هي الأخرى «ما لم يتم تحكيم العقل» لحدوث كل ما هو مخيف ومقلق..
وها هي المناورات الاسرائيلية توشك أن تبدأ في الجولان المحتل.. وقبل ذلك اجتازت بوارج حربية أمريكية المياه الاقليمية باتجاه الخليج العربي.. ولبنان ما زال عالقا بين المحكمة الدولية و«نهر البارد».. وايران تتحسس رأسها كل صباح لتتأكد من أنه ما زال في مكانه..
باختصار ، فان حرارة الصيف السياسي تزداد لهيبا ، والأوضاع في المنطقة مفتوحة على كل الاحتمالات ، وهي تنذر بأخطار جمة.. ولا عصمة لأحد الا برص الصفوف وتعميق التضامن و«فتح الأعين» والتحلي بأعلى درجات الوعي واليقظة والانضباط ، وتفويت الفرصة على المرجفين والمشككين والذين يحطبون في حبال الأعداء بقصد أو بدون قصد.
ومن الضروري تعزيز قنوات التواصل وقطع الطريق على أصحاب الشعارات الطنانة بالعمل الجاد الذي ينفع الناس.. ويجب تعميق العملية الديموقراطية والمضي قدما بكل استحقاقاتها من انتخابات وغيره ، فهي ضمانة أساسية لازالة أية احتقانات ، وزيادة مناعة المجتمع للتصدي للمزايدين.
بلدنا بخير ، وسيبقى بعون الله كذلك ، فهو يتمتع بقائد حكيم واع قريب من شعبه ، وهو يسير بخطى ثابتة على طريق تعزيز الاصلاحات وتعميق النهج الديموقراطي دون تردد ، ويجب ان تنسحب هذه النظرة الواثقة الواعية على الجميع.. فهذا هو طريق الخلاص والوسيلة المثلى لتجنب حرارة الصيف السياسي القادم.