أعصاب
أحب الدعوات إلى الناس وأقربها إلى القلب هي الدعوة بالستر. يدعو الانسان إلى الستر إذ يعتقد أنه من غير الحكمة أن يعرف الآخر أكثر مما يجب، ويسعى الساعون إلى الإبقاء على أسرارهم عن أعين الناس والحفاظ أمامهم على نقاء سيرهم. إن الحقيقة تحب أن تتوارى لأنها ثقيلة دم ، وما تلهث لمعرفته سيكون في لحظة ما كفيلا بمنحك مزيدا ً من خيبة الأمل.
هل بتنا نبغض البحث عن الحقائق، ذلك أن الأكذوبة المغلفة في ورق براق تريح من نزف مزيد من الأعصاب.. أعصابنا التي لم يعد بإمكاننا أن نهدرها بعبث ولا يمكن أن تشترى أو تباع أو تستبدل ان انتهت صلاحيتها. الحقيقة أننا لم نعد نسعى للحقيقة ، إنها خشنة وقادرة أن تتربص بقدرة احتمالنا. منا من بات يكتفي بأكذوبة ذات رائحة عطريّة!.
...............
رشاقة
ذاكرة هواتفنا كالمرأة التي تتأمل رشاقتها أمام المرآة، فيفاجئها منظر الدهن المتراكم والجلد المترهل والتجاعيد الغائرة، ولا بد من قرار سريع للتخلص من هذه العلامات غير المحببة.. بالريجيم مرة أوعن طريق الاضطرار لمبضع الجراح مرة أخرى.
نقوم بمراجعة الأرقام المحتشدة في ذاكرة هاتفنا؟. أسماء ذابت مع الحياة وشخوص ابتلعتهم الطرقات.. وآخرون حان وقت رحيلهم. تغربل، فيعود الهاتف بعد التنقية رشيقا، لكنه ما يلبث أن يكتنز سريعا إلى حين الحاجة لعملية جديدة للترشيق!.
.............
أزمة
يذكر أنه وفي ذات الفترة التي طارت فيها شهرة المونولوجست المصري شكوكو في الآفاق، لم يكن الناس، في مصر والعالم العربي، لو سألتهم، ليتعرفوا على الأديب المفكر الكبير عباس محمود العقاد.. أكثر من مئة كتاب وأكثر من خمسة عشر ألف مقال. لكنها كارثة نسمح بحدوثها كل يوم.
................
مسلسلات
لمن فاته الخبر فليعلم أن مقهى في الصين فتح أبوابه للراغبين من زبائنه تفريغ أحزانهم بالبكاء، ويقدم المطعم مدعمات لانهمار الدموع مثل الفلفل الحار والبصل الأبيض والعتمة التي تحفظ الخصوصية. اقتراح غير مكلف قدمه أحدهم لمن لا يملك ثمن الرحلة إلى الصين بأن يسارع المواطن الأردني بتفريغ حمولته من الهموم عبر ملاحقة المسلسلات الرمضانية والبكاء أمامها، نخص بذلك المسلسلات الخليجية، التي" ما قصّرت" بما تحويه من لطم وصفعات وعويل وأمراض مستعصية داخل حلقاتها، ولم تنس أمام هذا اللطم أطنان الأصباغ على الوجوه. اللهم إني صائم!.
الراي.