اعتدت ان اكتب عن احاديثنا المتداولة في مجالسنا الخاصة والعامة ولقاءاتنا ونحن نحتفل بالعيد الذي نسال الله تعالى دائما ان يجعله سعيدا ومباركا وان يعيده علينا بتحقيق الأماني وإنجاز طموحاتنا الفردية والجمعية. وتوحيد الصفوف وتعزيز نهضة الأمة.
ولأن العيد أخذ هذا الاسم من كونه يعود وفي مواعيد محددة و متقاربة فإننا نرجو ايضا ان يعود علينا بالخير والأمل حاملا المحبة مشيعا التفاؤل موزعا الفرح والمسرات.. بعدالة السماء لا باهواء اهل الأرض وانحيازاتهم الفئوية والجمعية والعرقية والطائفية وغيرها.
احاديث العيد تراوحت بين الهموم الفردية والمجتمعية والوطنية والإنسانية.
كثيرون يشتكون مرارة اثار الجائحة الكورونية ومتحوراتها ..مثلما يحكون عن طقس الشتاء البارد الذي سلب منا جمال الربيع ولم يترك لنا فرصة الاستمتاع به وبازهاره ووروده التي تتفتح مع تباشير الفجر واشراقة النهار واشعة شمس الصباح. ويردفون شكواهم بالتذمر من موجات الغبار التي لم تخف إلى اليوم.
ليست الشكوى إلا تطلعا إلى الأجمل والأحلى والافضل ..وبعض الشكوى تذمر من وضع اقتصادي عام يتراجع وأسعار ملتهبة و جيوب شبه خاوية وتآكل دخول..وجشع بعض اهل التجارة وغش بعض الباعة و غياب رقابة حاسمة على الأسعار و رداءة بعض انواع السلع وثردي مستوى الجودة ..ناهيك باسعار المحروقات التي ارتفعت فجأة بلا سابق إنذار..وكما كان اهلنا يقولون ( بلا حيذور ولا دستور ) والاولى بمعنى التنبيه والثانية تعني الاستئذان او طلب السماح..ولا ادري أصلها اللغوي وإن كنت اميل إلى ربطها ببعض الكلمات المستخدمة في الكلام عن الأولياء واصحاب المقامات عند زبارتها والتي تعني التبجيل والاحترام (دستور من خاطره ).
ولا بد خلال احاديث العيد من المرور على الحكومة ومسؤوليها..وانتقاد ادائها والإشارة إلى تقصيرها وغيابها. والهمهمة عن ما يواجهه الناس مما يسمونه بالفساد الذي لم يعد الحديث عنه متصلا بالأدلة ولا مقتصرا على القطاع العام بل يمتد إلى القطاع الخاص..وإلى مستوى الأفراد.. وحدث بلا حرج.
الحديث عن الحكومة يأخذ الناس إلى توقعات كثيرة بعضها متفائلة عن التعديل الواسع او التغيير الكامل او اقله اعادة التشكيل..بعض "الخبراء "يتوقعون تغييرات في مواقع اساسية خارج نطاق الحكومة..ناهيك عن مقارنات كثيرة بين الحكومة الحالية و سابقاتها بالعودة إلى مرحلة الستينات وحكومات هزاع المجالي ووصفي التل وعبد الحميد شرف ومضر بدران. مع انه يقال في امثالنا "لكل زمان دولة ورجال".
احاديث الناس تذهب اوسع لتتحسر على ايام زمان..ايام الاسعار الرخيصة والربح القليل الدائم وهو "خير من كثير منقطع..!"
احاديث الناس تتوسع إلى البكاء على أطلال القيم وعلى الأخلاقيات المتدهورة وصولا إلى مكارم الأخلاق التي نعهدها في الجاهلية الأولى.
وظلم ذوي القربى من احاديث العيد المتكررة وبعضهم يمددها إلى ظلم الجيران وتباعد العلاقات وانفراط عقد التعاون والتسامح عن الزلات.
السياسة بعامة لاتغيب عن الناس في العيد فبقايا نتائج انتخابات البلديات ومجالس المحافظات ماتزال في النفوس..وهناك تهم كثيرة واوصاف لمن لم يفوا بالوعود والعهود.
ومن الطبيعي ان تكون اعتداءات العدو بجيشه ومستوطنيه على الأقصى والقدس والمقدسات حاضرة وتقدير تضحيات الشهداء وعمليات المقاومة الفردية والمنظمة مرتفع بحق والناس يجمعون على ذلك وهم يستنكرون بشدة والم غياب الموقف العربي الحازم والحاسم والمؤثر. وتتقاطع آراؤهم في غير ذلك.
بين الاقتصاد والاجتماع والسياسة وغياب القيم الأخلاقية الفردية والجمعية وبين نوم الضمائر الحية او مواتها..يختلف الناس على الحرب الروسية على اوكرانيا ودور اميركا والدول الاوروبية والمعايير المزدوجة ..
ويبقى الكثير مما يقال عن خطباء المساجد والأئمة وصلاة العيد والتراويح وإطالة القراءة فيها إلى الدرجة التي كانت تجعل بعض المصلين يترك مسجدا إلى سواه بحثا عن إمام يخفف في قراءته!!
وكل عام وانتم والوطن والأمة والقيادة بخير.