في اليوم العالمي لحرية الصحافة تساؤل مشروع .. لماذا نكتب؟
فيصل تايه
04-05-2022 10:56 AM
احتفلت سائر بلدان العالم ، باليوم العالمي لحرية الصحافة والذي يصادف يوم ٣ ايار من كل عام ، وهو يوم حددته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، لتحيى من خلاله ذكرى اعتماد إعلان ويندهوك التاريخى الذى تم فى اجتماع للصحفيين الأفارقة فى ٣ ايار عام ١٩٩١.
وتخصص الأمم المتحدة هذا اليوم للاحتفاء بالمبادئ الأساسية، وتقيييم حال الصحافة فى العالم، وتعريف الجماهير بانتهاكات حق الحرية فى التعبير، والتذكير بعديد من الصحفيين الذين واجهوا الموت أو السجن فى سبيل القيام بمهماتهم فى تزويد وسائل الإعلام بالأخبار الصادقة ، فالصحفي هو مرآة المجتمع وهو شاهد عيان يومي لما يجري وما يحدث في المجتمع في العلن أو في الخفاء أو في الكواليس ، والصحفي أو القائم بالاتصال مطالب في المجتمع بالتأريخ اليومي لمجريات الأحداث والأمور، مطالب بالوقوف عند كل كبيرة وصغيرة، مطالب بكشف الحقائق وإبراز الإيجابيات والسلبيات وخاصة التركيز على السلبيات، لأن السلبيات هي التي تضر بالمجتمع وخاصة بالمحرومين والمهمشين.الصحفي هو حلقة الوصل بين الحاكم والمحكوم بين المشّرع والمنفذ، بين السلطة والشعب وهذا ما يجعل من دوره دورا استراتيجيا وحساسا في أي مجتمع.
فهل تعتبر الصحافة واجبًا إنسانيًّا أو مهمة اجتماعيَّة ام وطنية ام سياسية وغيرها ؟ ام هل يصحُّ ادعاؤنا بأنَّها بوْح لآلام الرُّوح وإفصاح عن بعض مُعاناتها؟ ام هل نكتب او نتكلم لنشعلَ بكلماتنا ومشاعرنا شموعَ الأمل في ليل أُمَّتنا الطويل؟ هل نحاول - حين نحلِّق بعيدًا بصورنا وأخيلتها واستعاراتها - الإفلات من سجن الجسد؟ ام هل ذلك رغبة في الخلود؟ ام هل نتخيَّل كلماتنا سيفًا مسلولاً في معركة أو رمحًا يسابق الرِّيح أو سهمًا يودِّع كبدَ القوس راحلاً إلى هدفه؟
لكننا نكتب او نقول او نفعل أحيانًا تألُّمًا وشكوى مما يثور في أعماق وِجداننا وضمائرنا ، وفي أحيان أخرى نكتب نيابة عمَّن لا قلمَ له ولا صوت ، نكتب أحيانا للتنفيس وإراحة لضمائرنا المثقلة والمتعَبة، نكتب اعترافًا ببشريَّتنا وضَعفنا وزَلاتنا ، وأملاً في الغُفران والتوبة ونكتب لنُحادث غيرنا مُدَّعين القدرة على قراءة أفكارهم ، ونحاول عبثًا التعاطُف معهم ، والإحساس ببعض همومهم.
ونكتب ونتحدث لنؤثِّر ونتأثِّر، نكتب إعلانًا لعِصياننا وتمرُّدنا على تلك القيود والسلاسل ، نكتب تظلُّمًا ، لنُريَ العالم أثَر القيد الضيِّق على أرواحنا الكبيرة ، نكتب لنرتاح من الألم مرة واحدة ، ولعلَّنا نكتب مرَّات كثيرة ، رغبة في المزيد من الألم المُلْهم، نكتب عزاءً لذَواتنا ، وتصبيرًا لكلِّ مَن يبحث عن برد العَزاء وراحة السلوى عن كل محبوب ومفقود.
نحاول دائما الكتابة والبوح والحديث رغم صدود القلم وجَفوة الحبر وصَمم الورق ، نتحدى المستحيل لنكتبَ ونتكلم ، لأن خلف القلم نسْرًا مضطربًا في أسْرِه ، وبُركان يتململ من هدئه، ويَتوق لانفجار حِمَمه الحمراء والأرجوانية ، لتحرقَ الغابة الشائخة الهزيلة، وتهدي رمادها قُربانًا لغدٍ أفضل وغابةٍ أجمل.
والسؤال الذي يدور في خلد كل الصحفيين والكتاب ويطرح هنا نفسه بقوة !؟ فأمام كل هذه المهام والمسؤوليات هل يتمتع الصحفي بالحصانة الكافية في وطننا العربي الكبير ؟ من حماية قانونية وتشريعات تحميه من جبروت المتجبرين ؟ والذين ما زالوا ينظرون إليه على أنه أداة لتثبيت شرعية السلطة وبسط نفوذها وتمرير خطابها السياسي !؟.
والله المستعان