الدراما الأردنية
الدكتور محمد خلف الخزاعلة
01-05-2022 10:11 PM
قامت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون الأردني بإنتاج عمل تلفزيون " المِشراف"، قصة وسيناريو وحوار الكاتب والفنان المبدع محمود الزيودي وإخراج المخرج شعلان الدباس، حيث تناول هذا العمل الدرامي الأردني حقبة تاريخية مهمة من تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية، حقبة الستينيات من القرن الماضي، والتي كانت حبلى بالأحداث التاريخية المهمة، وخاصة ما يتعلق منها بمعركة الشرف والبطولة والرجولة معركة الكرامة التي دارت أحداثها على الأراضي الأردنية بين الجيش العربي الأردني والجيش الإسرائيلي، التي سطر فيها الجندي الأردني أروع ملاحم التضحية والبطولة والفداء، حيث شكل افراد الجيش العربي بأجسادهم دروع بشرية أمام الجيش الإسرائيلي دفاعاً عن الوطن، واظهرت معركة الكرامة تلاحم الشعب الأردني مع قيادته الهاشمية في سبيل الدفاع عن ثراء الوطن الغالي، حيث قام هذا العمل بتصوير أحداث المعركة وكيف انتصر الجيش الأردني في هذه المعركة بطريقة رائعة جداً جعلت من المشاهد يعيش تلك الأحداث، وخاصة وأنه تم تصويره في الأماكن التي جرت بها المعركة، وذلك بمساعدة القوات المسلحة الأردنية التي قامت بتسهيل مهمة الممثلين وتوفير ما يلزم لنجاح هذا العمل، وخاصة انه تم في هذه المعركة ذكر بعض الأسماء الحقيقة ممن شاركوا فيها سواء من الشهداء أو الجرحى أو من المواطنين.
كما أنه تناول الدور العظيم لأهل الشهداء والجرحى عند تبليغهم باستشهاد أبنائهم، حيث لم يصدر عنهم ألا الصبر واحتساب أبنائهم شهداء عند الله وقولهم (هذا سوق الرجال واللي ما يبيع روحة فيه ما هو رجل)، وتم تجسيد ذلك الدور من خلال قوة الشخصية التي يتمتع بها الممثل الأردني وقوة حضوره المميز في أي عمل يقوم به.
كما تناول هذا العمل المجتمع الأردني في تلك الحقبة وما يمثله من المعاني والقيم الحميدة والعادات والتقاليد ومكارم الأخلاق والكرم والمروءة والرجولة والشهامة والتعاون والترابط والمحبة بين الناس، وإكرام الضيف واحترام الجار والمحافظة عليه، بالإضافة للمحافظة على كل شخص يلجأ لهم ومراعات حاجاته الأساسية، وصون الأعراض ومحبة الأوطان.
كما ان هذا العمل تطرق إلى دور الحكومة الأردنية في توزيع أراضي الوجهات العشائرية على المواطنين، بهدف توطينهم واستقرارهم من خلال بناء لأنفسهم بيوت يسكنون فيها، وبالتالي تتمكن الحكومة من توفير لهم الخدمات الضرورية من بنية تحتية وغيرها وعلى كافة الأصعدة وفي شتى المجالات.
وتمكنت الدراما الأردنية من خلال هذا العمل ترسيخ المعلومة المقرونة بالحدث في نفوس المواطنين الأردنيين، وربط الماضي التليد مع الحاضر والمستقبل، واطلاع الأجيال الحاضرة على ذلك الماضي، والمعاناة التي كان يعيشها ذلك المجتمع، الذي رغم ذلك، حمل تلك المعاني الطيبة، إلا أن هذا الماضي طرا عليه في وقتنا الحاضر بعض التغيرات بسبب التطورات والأحداث والتكنولوجيا الحديثة، وتغيير الكثير من المفاهيم والسلوكيات التي أصابت هذه المجتمعات، و التي انتشرت بشكل كبير في هذا الوقت، مما جعل من الصعب المحافظة على تلك القيم والعادات والتقاليد التي كانت سائدة سابقاً، وعلى الرغم من هذه التغيرات والتحولات التي اصابت المجتمع الأردني، الا انه لازلت تسوده بعض تلك العادات والسلوكيات الحميدة التي لم تنقرض من المجتمع الأردني بشكل كلي.
اللهم احفظ الأردن عزيزاً منيعاً أرضاً وشعباً وقيادة.