(الفلافل) يستعصي على موائد الفقراء
ماجدة ملاوي
30-04-2022 10:02 PM
يمسك حسين كيسا من الورق البني ذو الحجم الصغير ليبدأ بوضع حبات الفلافل الساخنة فيه والتي بدت ضئيلة الحجم بين أصابعه ثم يضغط بيديه ليغلق الكيس قبل أن يوقفه الزبون الاربعيني الواقف أمامه ويطلب منه وضع المزيد من حبات الفلافل معلقا (يا زلمة هذول يالله يكفوا الولد الصغير).
يضع حسين مزيدا من حبات الفلافل في الكيس والذي بدا أنه لا يمتلىء، ثم يضع ثلاث ملاعق من الحمص في علبة بلاستيكية صغيرة ويغلقها بإحكام ويقدمها للزبون الذي بدا ممتعضا، ليطلب منه مجددا علبة أخرى من نفس الحجم والتي يبلغ سعرها 55 قرشا.
لم يصنع المعلم حسين كمية كبيرة من الحمص والفلافل التي اعتاد أن يوفرها صبيحة كل يوم جمعة للزبائن كما في السنوات الماضية، يقول وهو يغطي قدر الحمص أمامه بقطعة من البلاستيك الشفاف (زي ما انت شايفة ما في زباين حتى يوم الجمعة، الوضع كثير صعب).
(أم جواد) واحدة من الزبائن المخلصين للمطعم كما تقول: إن أولادها اعتادوا صبيحة كل جمعة على حمص العامل حسين والفلافل التي يعدها، لكنها لم تعد تتمكن من طلب كميات كبيرة بالرغم من أن الأولاد كبروا وما عادت هذه الاحجام تكفيهم إلا أنها تحرص على أن لا تغير هذه العادة في يوم العطل وتقوم بوضع الزيتون والجبنة حتى يشبع الجميع.
ويعلق بلال زعبلاوي (أحد الزبائن) لم يعد الحمص والفلافل من الأكلات الشعبية المتاحة للجميع ذات السعر الرخيص فقد انسحب عنها البساط منذ سنوات متسائلا: إذا أصبحت هذه الأكلة بهذه الأسعار فماذا يأكل الفقراء؟ وأكمل حديثه: نحن 5 أشخاص في الأسرة وحتى أتمكن من توفير وجبة افطار محترمة من الحمص والفلافل قد أدفع 5 دنانير أو أكثر ناهيك عن الخبز.
المطعم الذي اتخذ مكانه في منطقة الحي الشرقي بإربد منذ ما يزيد عن 25 عاما، ما زال على نفس الهيئة، لكنه كان وحيدا حينها وكان الحي جديدا والسكان من ذوي الدخل فوق المتوسط، أما الآن فإن صفا من المحلات أصبحت تزاحمه، لكنه بقي صامدا يقدم الفلافل والحمص والفول لسكان الحي الذين تحولت أحوالهم كثيرا وساءت وفق ما يؤكد صاحب المطعم علي الرفاعي (لسا في ناس مخلصين للمطعم واحنا كمان بالرغم من الخسائر بنحاول ما نرفع السعر علشان ما يروحوا للمطعم اللي فتح من كم سنة وصار ينافسنا).
(الله يرحم أيام زمان لما كانت تصير خناقات على طابور الفلافل) هكذا يعبر علي عن حسرته على ما آلت إليه الأمور معللا سبب تقلص حبة الفلافل من 5 سنتمتر الى 2,5 سنتمتر لتفادي الخسائر لأن استخدام القوالب القديمة يعتبر خسارة للمطاعم مع ازدياد أسعار المواد الغذائية المستوردة التي تدخل في صناعته.
ويضيف: كل شيء ارتفع سعره خاصة مع الجائحة حيث أن سعر (شوال) الليمون قفز من 12 دينارا إلى 48 دينارا فيما ارتفع سعر (تنكة) الزيت المستخدم لقلي الفلافل من 17 دينارا الى 25 دينارا، كما ارتفع (شوال) الحمص ذي الخمسين كيلو من 40 الى 50 دينارا.
وفي جانب آخر من مدينة إربد وبالتحديد بالقرب من الملعب البلدي كان الوضع أفضل قليلا في مطعم (فلسطين) بالنسبة لصبيحة يوم الجمعة حيث كانت بضع طاولات مشغولة بالزبائن الذين توافدوا للاستمتاع بيوم مشمس في الهواء الطلق مع تناول الفلافل والحمص مع كأس الشاي.
حرص صاحب المطعم على إضافة جلسة خارجية تتخللها أشجار الزينة ونافورة في المنتصف، ربما ليجذب مزيدا من الزبائن بالرغم من أنه يعد من أقدم المطاعم في المدينة حيث تأسس سنة 1957.
وفي الداخل كان مدير المطعم يصف الصحون ويعبئها بالحمص لزبائن قدموا ليأخذوا طلباتهم، ثم جاء أحد الذين كانوا يتناولون الفطور في المنطقة الخارجية يسأل عن الفاتورة (13 دينارا) قالها مدير المطعم وأكمل عمله، لكن يبدو أن الزبون لم يستوعب المبلغ المطلوب ليكرر السؤال فيجيبه المدير (13 دينارا) هنا عاد الرجل يتفحص الورقة البيضاء التي كتبت عليها الطلبات وأسعارها يحسب ويدقق، لكنه لم يطل حتى دفع المبلغ وذهب ساخطا.
(الفوال) المطعم المشهور في شارع الجامعة بإربد من المطاعم القليلة التي أبقت على الحجم الكبير لقرص الفلافل الى جانب القرص الجديد لكن سعر القرص الكبير الذي يزيد قطره عن 5 سنتمتر يبلغ عشرة قروش فيما بإمكانك الحصول على خمسة أقراص من الفلافل ذي الحجم الصغير مقابل ذات المبلغ.
ويقول صاحب المطعم حمودة الفوال إن الأسعار محددة من قبل الحكومة بالرغم من أن المواد المستخدمة ارتفعت أسعارها بنسبة تزيد عن 200% خلال الجائحة، والأمر الذي فاقم من الأزمة ضعف الحركة الشرائية لهذه الوجبة باستثناء أيام العطل والإجازات.
ويشير حمودة إلى أن جائحة كورونا وإغلاق المطاعم لفترات طويلة أدى ببعض ربات البيوت إلى صنع الحمص والفلافل المنزلي، ربما لأن الأغلبية من الاردنيين لا يستغنون عن هذه الوجبة، كما أن صنعها في المنزل يوفر مبالغ كبيرة على عشاقها.