تصحو وتنام على تداعي الخدمات البلدية في ضاحيةٍ تزداد وتيرة البناء فيها وتقتسم الاتجاهات الهامة مثلها مثل بلدياتٍ كثيرة. قريبةٌ من أمانة عمَّان بقدرِ ما هي بعيدة. تتوسط دوماً مناطق أحدث وأجمل. لكن قدرها أن تكون مركز خدمتهم الأقل حظاً.
المزعجُ في هذه البلدية هو غياب التخطيط والجمال من شوارعها وأسواقها. هذا الشارع الملتوي لا يحملُ إسماً لكن رصيفه الوسطي يتوقف بأشجاره و إنارته عند نقطةٍ معينة قبلها كأنها الحدود بين التقدم و التخلف. كأنه يفصلُ بين عالمين. هنا تَلِجُ سوقاً يمتد لمئتي متر فيه محلاتٌ متكررةٌ فيما تبيع. لا تنسيق يقول يكفي هذه المنطقة خمسة صيدليات أو ثلاثة محال تجارةٍ عامة. تتوالد المحلات بلافتاتٍ منها ما أكلَ عليها الدهر و شرب و منها اللامع و تنتشي أو تموت في ازدحامٍ خانقٍ. هل من درس جدواها؟ و شوارع المنطقية الفرعيةٌ لا تحملُ إشارات تنبيه و تحذير و لا أسهماً للاتجاهات. الشوارع يمكن استخدامها بجودةٍ كاملة لاختبار مرونة السيارات و حِدَّةِ نظرِ السائقين ليتفادوا الحفر و الانبعاجات. على جانب الشارع، أي شارع، تمر بحاوياتٍ تفيض منها القمامة، رغم الاعتراف بجهود القائمين على جمعها، لكنها قليلةٌ بالمقارنة مع المنتج من القمامة البيتية و بالطبع لا يتملم أحدٌ عن الفرز للقمامة إلا سياراتٌ تأتي في غفلةٍ من الوقت لتنبش الحاويات و تعكر صفو القطط المستعمرة لها. أما مخلفات البناء فالحل هو تسويتها بأي أرضٍ خالية، ومع مرور الوقت ترتفع لتصل قريباً من سور بيتك.
يجتهدُ السكان لتجميل بيوتهم و زراعة الحدائق لكن كلٌ يغني على ليلاه و القليل من يلتزم التقليم و التشذيب لأشجاره التي بمرور الوقت تتدلى أغصانها لتحجب رؤية الشارع أو تضرب فروعها السيارات المارة. في الأحياء شوارع رُصِفت كيفما شاء المقاول و فُتِحتٌ على غيرها بأدنى قدرٍ من النظام المروري. تتوسطها أحياناً مطباتٌ بلا لونٍ مميز. لا حدائق عامة للأطفال ليلهوا بأمان فيكون الشارع ملعباً. و لا لافتةً تقول احذروا هنا أطفال يلعبون. الرصيف متهالك و لكل صاحب بيت و إسكان أن يستخدم ما يعجبه من البلاط فترى تنوعاً ينقصه الانسجام. و لا أرصفة تساعد على المشي فهي ترتفعُ و تنخفضُ عن مستوى الشارع من خلال سِرٍّ هندسيٍّ غير معروف. و لا يمكن لعربة طفل و لا لكرسيٍّ متحرك أن يتحرك على الرصيف المزدحم كذلك بالأشجار المعترضة.
أما المحلات فأمامها من الأرصفة ما هو مُهيئٌ للتزحلق عند المطر و ما هو مكسور الخاطر و حاد الحواف و يلتقي مع عتباتٍ فوضوية إن لم تنتبه لها تقع على ركبتيك. التنافس مستعرٌ لإظهار عدم الاهتمام بالنظافةِ العامة. يمر عامل الوطن ليكنس في دوامةٍ لا تنتهي من محاولةِ التنظيف التي يساهم البائعُ والشاري لإفشالها.
هل ترى لها هذه البلدية حِساً أو تسمعُ لها صوتاً؟ كم يلزمنا نحن المتعلمون تعليما عالياً و من زرنا من البلاد و رأينا مدنها و شوارعها من وقتٍ لنُحْسِنَ العمل؟ لا أدري إن كانت المعضلة نقص المال أم نقص الهمة أم استمراء الفوضى. لكنها حالةٌ عامة في بلدياتٍ منسية و مواطنين يقتربون من اليأس منها.