حكومة سمير الرفاعي ومهما حاولت بعد الآن، فإنها لن تعثر على أخشاب تنجيها من هذا البحر المتلاطم من الأزمات التي أدخلتنا فيها، ولم نعد ندري بعدها أين الباب وكيف الخروج. هذه الحكومة، عجزها اليوم يقترب من الشمولية، ويغطي كافة المجالات، فالخدمات التي هي من أبسط واجباتها، لم تعد تُقدَّمُ على الصورة المعقولة، لذلك نعاني اليوم من أزمة ماء وكهرباء تذكرنا بـ"أردن ما قبل التنمية"، ولعل في هذا الانهيار الخدماتي ما يسهّل على نقّاد الحكومة مطالبتها برفع الراية البيضاء والانسحاب من الولاية العامة وتركها لمحاولة آخرين.
سياسيا، تواجه الحكومة فشلا نفسيا منذ لحظة تشكيلها، فالبنية العامة للحكومة وشخوصها الرئيسيين، كانت محل جدل شعبي ونخبوي منذ البداية، ومع مرور الوقت، ودون أدنى انتظار، بدأت الأزمات تتوالى، وتعاظمت لغة الاحتجاج على الحكومة، ووصل الأمر حد العصيان السياسي لبعض القوى المؤثرة في المجتمع.
إن قراءة ومتابعة سيرة حكومة الرفاعي منذ لحظة تكليفها حتى الآن، لا تعطينا أي مؤشر على إنجاز حكومي أيا كان، بل ما صبغت به هذه الحكومة، أنها كانت محترفة في إشعال النيران ومن ثم إدارة الظهر لها، كذلك اتسم فريقها بالعنف اللفظي مع الإعلام والمواطنين، وهذا دليل على ضعف القدرة، وانفعال المنصب، وفقدان البوصلة.
الحكومة اليوم في مأزق لا ينفع معه أن تستمر، فعجلة الإصلاح السياسي عادت إلى الوراء بشكل لم نعهده في السابق، والتوتر المجتمعي بلغ مدى لا يمكن السكوت حياله، ناهيك عن الفشل الاقتصادي الذي يحتاج لفريق وشخوص مختلفين.
أسوأ ما في مشهد الحكومة أنها تشبه "القصب المفلّخ"، فالرؤوس متعددة، والخلافات بادية، وبؤر التوتر الذاتية تنعكس على الأداء العام في أغلب الأوقات، بمعنى أننا بصدد فريق وزاري "لا تأخذ منه حق ولا باطل"، وهذا بمجمله يفقد الحكومة الخط العام والرؤية الواضحة لسياستها، فتكون النتيجة الحتمية فشلا في العمل، ومزيدا من الأزمات.
نقد الحكومة والإشارة إلى انتهاء مدة صلاحيتها، لم يعد حكرا على المعارضة، فالناس كلهم يتململون ويتحدثون، حتى البعض من مجلس الأعيان انضموا إلى منتقدي الحكومة، وعززوا الأجواء التي تقول إن الحكومة لم تعد تطاق، وليس في وسعنا الاحتمال أكثر.
السبيل