في قضية منع تصدير الخيار، ثم السماح بتصديره خلال أقل من أسبوع، نلاحظ أن القرار الحكومي لا يستند إلى قاعدة مدروسة، فإذا ارتفع سعر كيلو الخيار إلى دينار، صدر قرار المنع. وإذا احتج تجار الخضار، ولا نقول المزارعين، صدر قرار السماح!!.
ولقضية الخيار وجهان. وجه للشحاذين وآخر للسلاطين.. وجه للمستهلكين في المدينة، ووجه للمنتجين خارجها. واغلب الظن أن الحكومة كانت دائماً إلى جانب الصوت الأعلى. وهو صوت المدينة!!. فهي إلى جانب آكلي اللحم وليس منتجي اللحم، ولذلك شهدنا الصراع داخل الحكومة بين وزارة أو إدارة تموين تستورد اللحم وهي من دبي، ووزارة زراعة تقول إنها تهتم بمربي الماشية. والحكومة تقف إلى جانب آكلي الخبز وليس إلى جانب منتجيه رغم الكلام الكثير عن دعم أسعار القمح.. فالمطلوب ليس شراء ثلاثين ألف طن بمئتي دينار وإنما اصدار قرار واضح باستعمالات الأراضي فمن يزرع مدَّ قمح في دونم أرض ثمنه مليون دينار؟! وماذا يمكن زراعة أي محصول إذا لم تكن هناك، أرض للزراعة وأرض للتوسع العمراني!!.
حكومتنا توازن، أو تحاول أن توازن بين مصلحة المنتجع ومصلحة المستهلك. ولكن الحكومة تعرف أن أكبر بؤر الفقر هي في الأغوار التي نفخر بأنها سلة الغذاء لنا ولجيراننا. وأن أهل العقبة وفنادقها الفاخرة يستهلكون السمك المجمد أو المبرد مع انها تقع على ساحل البحر الأحمر!!.
نتمنى على الحكومات أن تسمع صوت الخبراء الاقتصاديين.. فالوزراء لا يرشحون أنفسهم للانتخابات فهم من مكتب الوزير إلى مكتب المحاماة أو الهندسة أو الطب أو الجامعة!. فالكسب الحقيقي هو سياسة تنحاز للمنتجين. وأن تعيش حركة الإنتاج.. فارتفاع أسعار الخضار أو اللحم أو أي شيء منتج محلياً لا يعني أن الفلاح يضع آلاف الدنانير في جيبه. فالكاسب هو تاجر الخضار، وهو بائع المفرق الذي يشتري كيلو الخيار من الحسبة بعشرين قرشاً ويبيعه بدينار، وقد اكتشفنا بالتجربة أن التاجر الذي يسيطر على السوق ويصدر يستعمل التصدير لرفع سعر المنتج محلياً، وكنا نشتري في الدوحة البندورة الأردنية أرخص من البندورة ذاتها في عمان!!.
الرأي