واخيرا تعترف واشنطن بانه لا حل عسكريا للوضع في افغانستان .. جون كيري واحد من ابرز اعضاء الكونغرس الامريكي قد استنتج بعد زيارة قام بها لمناطق عدة في افغانستان ان الحل العسكري لوضع افغانستان ضرب من المستحيل ..

وقال ان ثمة مفاوضات تجري بين بلاده وبين حركة طالبان للتوصل الى اتفاق ينهي الوجود العسكري الامريكي والاطلسي على اراضي افغانستان ..

واحسب ان ما جاء على لسان هذا المسؤول الامريكي الكبير اعتراف بالهزيمة العسكرية للولايات المتحدة الامريكية وحليفاتها في حلف (الناتو) .

وبطبيعة الحال ان ثمة هزيمة سياسية واخرى اخلاقية قد سبقتا الهزيمة العسكرية ..

اي ان الاستعمار الكولونيالي الغربي قد هزم عسكريا وسياسيا واخلاقيا في افغانستان ..

ويرى المراقبون العسكريون والسياسيون الدوليون بمن في ذلك المراقبون الامريكيون والاوروبيون بان عهد الاستعمار الكولونيالي الغربي قد انحسر وفي طريقه للاندحار كليا من الشرق الاوسط ومن اسيا كلها بعد هزائمه في العراق وفي افغانستان وفي لبنان ..بسبب تعثره في باكستان وعدم نجاحه في السودان وفي الصومال..

وهنا نتساءل : لماذا قامت الولايات المتحدة وحليفاتها في حلف (الناتو) بغزو العراق واحتلاله .. مما سبب بقتل وتشريد الملايين من ابنائه وتدمير منشآته ومؤسساته الاقتصادية والصحية والتعليمية والخدمية والحضارية ؟!!

وقد كلفها ذلك سقوط الالاف من ضباط وجنود قواتها المسلحة على يد المقاومة العراقية وعلى يد احرار العراق البواسل ..

ثم لماذا قامت الولايات المتحدة وحليفاتها في العالم الغربي بغزو افغانستان واحتلال جزء من اراضيها بما في ذلك العاصمة كابل ، لتسبب قتل وتشريد مئات الالاف من ابنائها واطفالها وحرائرها ..بخاصة وان الطائرات الامريكية التي لم تنجح في قصف مقاتلي حركة طالبان راحت تقصف الاحياء المأهولة بالسكان فتقتل المدنيين العزل واطفالهم ونساءهم وشيوخهم ..

بل تورطت القوات الامريكية في قصف المدنيين العزل في باكستان ايضا .. مما اثارت سخط الشعب الباكستاني على الوجود الامريكي والغربي على الاراضي الباكستانية وتشكلت ميليشيات مسلحة للجهاد ضد القوات الامريكية فبات الوجود العسكري الامريكي في القواعد على ارض باكستان في حالة (لا يحسد عليها!) ..

ان الادارة الامريكية بعد ان انسحبت قوات العديد من الدول الغربية من افغانستان اضطرت لمراجعة موقفها وراحت تتطلع لاجراء مفاوضات مع حركة طالبان..ومن يدري فقد لا يتم التوصل الى اتفاق مع حركة طالبان فترغم القوات الامريكية والاطلسية على الانسحاب من طرف واحد للتتجلى هزيمتها العسكرية بكل اعتراف صريح منها بعد هزيمتها السياسية والاخلاقية .. حيث لا تنفع كل التبريرات الكاذبة لتسويغ احتلالها لافغانستان وقبل ذلك احتلالها للعراق .. فالديموقراطية والحريات وحقوق الانسان قد ثبت انها شعارات زائفة .. وهي حق اريد منه باطل..

(الرأي)