تستقيم النفس البشرية وتسمو عن الزلات اذا وقفت في ميزان العدالة برحابة وأمل وشوق إلى الحق الموزون والصواب المأمول ترفرف في الأعالي والذرى منادية بالحب والود والعدل والانصاف وتنأى بنفسها عن القيل والقال وسوء المنال مبصرة وناظرة إلى الحق الابلج لافظة الباطل الملجلج.
هوى النفس جامح وبغيها وغرورها واضح وان ترك لها الحبل على الغارب طغت وانتفظت وزاغت عن الاستقامة وظلمت وتهاوت في الاراجيف وتوغلت في الباطل واسترسلت لا يوقفها كابح وتمادت لا يمنعها جارح وهي كالطفل ان تهمله شب على حب الرضاع وان قيدتها انقطعت وانفطمت.
في هذه الدنيا يكثر الظلم وينشأ ويترعرع دون وازع او رادع وتراكم الحسرات ويشكو المظلومون ويبذلون جهدهم في درء الظلم ولكنه هباء منثور.
يكثر الجدل ويبالغ المجادلون ويتداولون الأحاديث جاعلين الحق في جنباتهم مغمضين أعينهم عن الباطل والتمادي فيسرقون الحقوق ويأكلون الأموال ويطلقون مساوئ القول ودونية السلوك دون حسيب او رقيب لغياب الضمير والانحراف والابتذال وغياب المحاسبين ان لم يكونوا اكثر شراسة في الباطل.
تيه النفوس وجدلية البغي والإصرار والإمعان تكاد تكون صورة حية يعيشها من يكابد أرق الحياة وانينها واوجاعها دون صحوة ضمير او تنبيه مجد او رقيب.
الاستقامة غالية الثمن والموضوعية والتجرد اختبار الاسوياء ان لامستهم همسات الضمير الحي فينقطعون عن ملذات فارغة وحق مأكول.
الضمائر الحية دروع واقية من الانحراف والتخاذل تشحذ الهمم وتقوى العزائم وتترك بصماتها على مسيرة الحياة.