تُجمع الإنسانية على مكانة المعلم ودَوره في إنتاج التقدم والمعرفة والحضارة وقياداتها! وليست هذه الأمور موضع نقاش! ولكن قيامهم بهذا الدور، ونجاحهم فيه يتطلب الاعتراف بحقوقهم الشرعية وهي:
حقهم أولًا في نقابة مهنية تحقق لهم الأمن المهني والمكانة المهنية، والنمو المهني؛ بعيدًا عن أي تجاذبات مهما كان نوعها! فهذا البناء حقٌّ أساس لكل مهنة، ولا نقاش حول هذه المهام! وينبثق من مهنيّة التعليم حق المعلم في اعتراف المجتمع بمهنية التعليم، والمزايا التي توفرها للمعلم، فالمهنة هي ارتقاء ومكانة وأمن وعيش كريم!
وكأي مهنة، فإن من يمارسها يسعى للعمل في بيئة تربوية نظيفة، خالية من القهر والتشكيك والتوتر، بيئة توفر مصادر التعلم التي يحتاجها المعلم! وقد قلت مرارًا: إن صاحب المهنة يمارس عملًا فكريّا بالدرجة الأولى، ومن حقه أن يعمل وفق شروط معقولة، فلا يمكن للمعلم مثلًا أن يكون هو السيكولوجي والمرشد وخبير التقنيات، والامتحانات، ومعدّ الوسائل التعليمية ومصحح الواجبات، ومدير الصف، والمتواصل مع الأهالي. هذه مهام متعددة ومتنوعة وليست أدوارًا يمارسها شخص واحد، فكما يحتاج الطبيب إلى مهن مساندة: كالأشعة والمختبرات، وإدارة السجلات، وصانع الأجهزة الطبية، كذلك المعلم يحتاج إلى وحدات دعم ومساندة من عاملين عديدين!
فماذا لو وفرنا هذه الخدمة للمعلمين؟ هل من المبكر الحديث عن هذه الخدمات؟ وهل يجب أن نفكر فيها حسب مستقبل التعليم الالكتروني؟ إذن: هذه حقوق لكل معلم، ونيلها يتطلب حوارات وربما نضالات! وهي حقوق مشروعة وفطرية، ولا ترتبط بأي واجبات! وفي المقابل يُتَوقع من المعلم:
- أن يكون متعلمًا منتجًا للمعرفة وليس ناقلًا لها، ناميًا مهنيّا غير مكرِّرٍ ، يحمل فكرًا متجددًا.
- ويتوقع من المعلم " وهذا مهم جدّا" أن يقدم نموذجًا لحب العمل، ونموذجًا للفكر الجديد،
وبعيدًا عن فرض الآراء وحتى الحقائق والأيديولوجيات على طلبته ومجتمعه، فليس من مهامه فرض أي أيديولوجية سوى أيديولوجيا الحرية واتخاذ القرار والاختيار! إنه المعلم المتعلم المتحرر من قيود الإلزام وتقييد الخيارات!
- ومن المتوقع من المعلم أن يقدم نموذجًا للأناقة والمظهر الجاذب، وهذا يعني أن يخصص جزءًا من دخله على نموه الشخصي: أدوات شخصية جديدة، ملابس أنيقة، سيارة نظيفة، …الخ
وأكرر، إنها ليست معادلة حقوق وواجبات: فالحقوق واجبة، والواجبات واجبة أيضًا؛ لأنها حقوق للطلبة! وكلاهما طموح للمجتمع، وكلاهما نضال!