كما كان متوقع بدأت حمى الحرب في أوكرانيا بالتوسع والانتشار التدريجي على المنطقة وهذا ما يمكن رؤيته من خلال القرار الامني الروسي الذي اوصى بنقل سلاح الناتو المصادر في أوكرانيا للاكراد في شمال العراق وهو ما اعتبرته بعض المصادر برسالة تحوي إعلان حرب ضمنية على الاتراك الذين تتهمهم موسكو بتقديم الدعم اللوجستي للحكومة الاوكرانية والوقوف بالاتجاه المعادي لروسيا بحربها في أوكرانيا.

القرار الروسي في حال تم تنفيذه يتوقع ان يكون له اسقاطات جارفة على صعيد المنطقة لا سيما في ناحية الشمال السوري التي من الواضح انها ستشكل موقعة اقتتال حقيقية بين الدولة التركية بتيارها المتمدد والجبهة الكردية بشريطها الحدودي العميق في شمال العراق والممتد حتى مناطق وجود حزب العمال الكردستاني في الناحية التركية وهذا ما يتوقع ان يدخل ايران وسوريا وكما العراق وتركيا فى معمعة جديدة من الاشتباكات وكما يتوقع ان تطال ظلالها لبنان واسرائيل وربما غزة فكلما تعمقت الاشتباكات امتدت لتشمل مجتمعات اخرى من مجتمعات المنطقة المتحركة بتحرك القوى الاقليمية لتشمل مساحات اوسع نتيجة تداخل قضايا المنطقة بعضها ببعض التي تسعى بعض مجتمعاتها لتصدير ازمتها من واقع تصدير السياسية او حتى الاقتصادية.

الجيش السوري الذي بدأ بتجهيز عدته وعتاده للدخول باشتباكات مع الجبهة الكردية يتوقع ان يشاركه ذات التوجه الجيش التركي
الذي ينتظر ان يبدأ بشن هجوم واسع النطاق على حزب العمال في الشمال العراقي كما تصف بعض المصادر وكما يتوقع ان تدخل اسرائيل المتحكمة بمركز القرار العسكري في كردستان العراق كلاعب شريك في المعركة التي ينتظر ان تبدأ من الشمال السوري وتتوقع التحليلات ان يكون لها امتداد واسع في معظم الجغرافيا السياسية للمنطقة وهي ما تعتبر بداية التغيير وبوابة المتغير القادم.

وبهذا تكون روسيا قد اكتفت من واقع توسعها المرحلي بضم دونباس والسيطرة على شرق وجنوب أوكرانيا وبدأت بترسيم ادوات خروجها من مستنقع اوكرانيا عبر المخرج السوري في الاتجاه الذي تستهدف منه طرد الاكراد من الشمال السوري وهذا ما سيمكنها من السيطرة على سوريا من خلال تعميق تواجد الجيش السوري ليقوم بالسيطرة على وحدة سورية الجغرافية وما يتوقع ان يشكل معطى جديد على واقع المشهد العام في سوريا التي تحتوي قاعدة عسكرية امريكية في الشمال الشرقي كما تحتوى على قاعدة روسية في الناحية الغربية في طرطوس.

ما نرجوه ان لا تعاد كرة أوكرانيا لسوريا حتى لا تصدر اوروبا ازمتها للمنطقة التي اتعبتها الحروب واثقلت كاهل مواطنها الرياح الغربية التي ما انفكت تقوم بتجريف مجتمعاتها وتعرية انظمتها منذ ان هبت رياح التغيير واتخذت نماذج عديدة منها ما عرف بالربيع العربي واخر ما اصطلح عليه بالتغيير الفظ والنموذج الاخير الذي حمل عنوان المحتوى الاقليمي والتنسيق الامني والذي يقف عليه المشهد العام باعادة تشكيل نماذج دولة من اطر اقليمية يتوقع ان تعيد تشكيل جغرافيا سياسية جديدة للنظام للمنطقة بعد ما تم ربط انظمتها من على ارضية امنية.

ووسط هذه المتغيرات الموضوعية ورياح التغيير العاصفة تقع الجغرافيا السياسية الاردنية التي تحاول استدراك المعطيات باعادة رسم اولوياتها الذاتية بما يحقق حالة منعة للمجتمع الاردني اولا وبما يساعد الاردن على دعم سبل الاستقرار في المنطقة وفي المحافظة على ثابت موقفه الداعم للقضية المركزية والعامل على ترسيخ قوام الوصاية الهاشمية المقدسية التي باتت تعتبر احد اهم العوامل في حفظ الامن الاقليمي وما سيزيد الاعباء على الاردن هو مسألة تصديه لظلال حرب اوكرانيا وهذا ما يجعلنا نقول حمى الله الاردن وكان الله عونا للقيادة.