نحن أمة خانها التاريخ ومزقتها الجغرافيا وأستأسد عليها بغاث الأمم. من ينظر لحالنا يعتقد بأننا بلا أب أو أم مقطوعين من شجرة . يا للهول يصبح الخيار في رمضان رمز لمقاومة جشع التجار. وينشغل وزير الزراعة على مدار اليوم مع مستشاريه لاتخاذ القرار المناسب نحو التعامل مع الخيار .. ...نصدره ...نوقف تصديره ...على طريقة حدرة بدرة ...قلي سيدي كل خيارة وعًد للعشرة .. وفوق هذا وذاك يتآمر علينا وعلى الحكومة شهر أب ..فتصدق مقولة الأجداد ..آب اللهاب ...مسكين المواطن الأردني يعاني الحًر والعطش. تستعجل الحكومات فرض قوانين الطواريء في الأزمات السياسية . ولكنها تمدد أرجلها وتسترخي في الأزمات الأقتصادية . قد تكون الصعوبات التي نعاني منها موروثة من سياسات وحكومات سابقة ، ولكن حظ الحكومة العاثر أن تنفجر في وجهها كل هذه الأزمات . هناك أزمات يمكن تجاوزها كأزمة طيب الذكر " الخيار " وهناك أزمات لا يمكن تجاوزها " كالعطش" . منذ فجر الإسلام اكتشف حجر الفلاسفة ورفع شعار الناس شركاء في ثلاث الماء والكلأ والنار . ولو تم تطبيق هذا الثلاثي لما كنا نعاني ما نعانيه . يصنف الأردن من أفقر عشر بلدان في العالم في الماء. وقد يكون من الدول سريعة التصحر ...ونتساءل ما ذا فعلنا لمعالجة المشكلة ؟

نحن بلد الغرائب . لا أذكر أن منظر الرأسمالية حلم بتمليك أفراد ثروات أمة مدفونة في باطن الأرض. الماء لا يختلف عن البترول أو الذهب أو أي معدن أخر. تخيلوا أن أحدنا اشترى ألف دونم بسعر دينار للدونم وفجأة اكتشف وجود نفط في أرضه . هل يحق له أن يتعاقد مع شركة شل الأمريكية لاستخراجه بمعزل عن الحكومة ؟ ما الفرق بين من يوجد في أرضه نبعة ماء أو نبعة نفط ؟
لم يعد مقبولاً أن يلهث شعب بأكمله خلف جالون ماء وأصحاب الأبار يراكمون مخزونهم المالي لا لشيء سوى أن أمهاتهم قد دعت لهم بسعة الرزق وأقرت لهم الحكومات المتعاقبة ما حصلوا عليه بحكم العادة والعرف ودون الاستناد لأي قانون سواء وضعي أو سماوي .
نريد قرارات جريئة تؤمم كل أبار المياه في الأردن وإعادتها للشعب الغلبان الذي صبر صبر أيوب . وإن لم يحدث هذا اليوم فقد يكون غير مفيد غداً ، حتى لو أهدت الحكومة كل عائلة شاحنة خيار لعدم وجود ماء لغسلة .