امضيت يوم الاحد في المفرق ، ومن المدينة الى قرى الباعج والزعتري والروضة وام الجمال ، ترى ما لا تصدقه عينك ، وما لا يقبله قلبك.
الفقر ينهش في الاطراف نهشاً ، واذا كانت مساعدات المعونة الوطنية تصل الى اغلب المحتاجين ، بالاضافة الى حملات المؤسسات الخيرية ، فان ما تراه بعينيك يثبت ان القصة لم تعد قصة مساعدات اطفائية للفقر في الاردن ، تزول بزوال المناسبة.
بيوت بحاجة الى ترميم ، وفقراء دخولهم قليلة ، ويتامى مواردهم بسيطة جدا ، وفرص عمل منعدمة ، وبطالة في كل مكانة ، والذين يحدثونك يثبتون لك بالارقام والوثائق ان نسبة الفقر في ازدياد .
النسبة الرسمية لعدد الفقراء قد لا تكون دقيقة ، لانك تضيف اليها ايضا العاملين الذين لا تفيدهم دخولهم اساسا في اي شيء.
موازنة صندوق المعونة الوطنية لا بد من زيادتها ، ولا بد من وضع معايير جديدة للفقر في الاردن ، وللمعونات ، وقصة السقف الاعلى للمعونة يجب ان تعالج وهي البالغة مائة ثمانين ديناراً ، بعيداً عن عقدة الحد الادنى في الاجور في المملكة ، وبعيداً ايضا عن قصة رواتب موظفي الحكومة والتنمية الاجتماعية.
على الحكومة ان تبحث عن وسائل لتطوير الدعم الاجتماعي واشكاله ، ومستواه ، واذا ارادوا رفع الدعم عن كل شيء ، فعليهم ان لا يقتربوا من موازنتي الصحة والتنمية الاجتماعية. عليهم بالعكس زيادة هذه الموازنات باي طريقة كانت ، بدلا من المعلومات المتسربة حول توجهات لخفض هذه الموازنات.
حين تدخل بيت ايتام في المفرق وبيتهم يكاد يتهدم على رؤوسهم ، وسقفه يتساقط ، وتدخل بيتاً اخر لايتام بحاجة الى ترميم واكمال ، وتذهب الى غرف اخرى يعيش فيها فرد واحد حياة وكأنها عقوبة وانتقام ، فان الكآبة تسطو على وجهك وقلبك معا.
رابع تزوره فتجد حمام منزله في ذات مطبخه ، فتعرف ان الدنيا ليست بخير ، وان كل العناوين الجميلة محض هراء وافتراء على رؤوسنا.
على العكس من ذلك جاءت الجهات الرسمية واكتشفت ان عائلات تحصل على مائة وخمسين ديناراً من التنمية الاجتماعية ، وفي ذات الوقت تحصل على خمسين دينارا من جمعية المركز الاسلامي الخيرية ، فقررت خفض المبلغ ، بخصم خمسين دينارا من مساعدة المعونة الوطنية ، وتعويضها بتلك التي تدفعها جمعية المركز الاسلامي الخيرية.
معنى الكلام ان المتبرع هنا للجمعية بات يدفع للفقير واليتيم نيابة عن الحكومة. بدلا من تعزيز عائلة الايتام او المساكين ، بات يدفع نيابة عن الحكومة والفقير والمحتاج هو الخسران ، لان معونته الاجمالية تنخفض.
المفرق وقراها وباديتها حتى الصفاوي بحاجة الى وقفة تأمل ، فحتى قصة ارتفاع اسعار الاراضي ، مرت مرور الريح.عادت وانخفضت. لان شيئا لم يحدث على ارض الواقع.
المفرق القريبة من عمان تعيش حالة سيئة للغاية ، وهي حالة بتنا نراها للاسف الشديد في كل مكان ، من "الدرة" الى "الطرة" وما بينهما من مدن وقرى وبوادي ومخيمات.
.. وكأنها ، اي المفرق ، خارج المدار.
mtair@addustour.com.jo
الدستور