يحتفل ابناء الطوائف المسيحية هذا اليوم بأعياد الفصح والقيامة المجيدة، واننا ونحن نحيي هذه الايام الفضيلة من شهر رمضان المبارك، مع إيماننا العميق بالرسالة الخالدة لديننا الحنيف، الرسالة التي أراد الله أن تكون مشكاة للبشرية، رسالة المحبة والسلام والوئام، لنستمد منها الخير للبشرية جمعاء، هذا الخير، الذي تتجمع من خلاله المجتمعات ذات الرسالات السماوية والمعتقدات والتقاليد الأخلاقية المتنوعة من اجل العيش على المحبة والاستقرار، في ظل التعاون والتضامن والإيمان بإنسانيتنا المشتركة، فذلك مصدراً للرقي بالإنسان، واحترام حقوقه وتحقيق العدالة والمساواة وتجسيداً للإنسانية بابهى صورها.
في هذه المناسبة دعونا ننتهز الفرصة لنهنئ إخواننا المسيحين، الذين هم جزء أصيل من مكونات شعبنا الأردني بعيدهم، فالأردن كان وما يزال يشكل نموذجا للتعايش والتآخي بين جميع مكوناته، وأن هذه المناسبة تعتبر عيدا وطنيا لكل أبناء الأردن، الذي يحتفل بأعياده الدينية الإسلامية والمسيحية بشكل مشترك، ويعبر عن مدى الانسجام والمودة بين جميع مكوناته، لذلك فإننا وأبناء هذا الوطن نشاطرهم المشاعر التي هي تعبير حقيقي عن وحدتنا الوطنية الحقيقية، ونحن نجسد قيم المحبة والوئام، فهذه الاعياد فرصة للتسامح والمحبة والإخاء والتوحد خلف مصالح بلدنا، فهذه المناسبات تشكل وقتا من أوقات الشعور بالرابطة، والحاجة الدائمة إلى السلام والاستقرار والأمن، ووقتا من أوقات ربط الصلات، ووقتا من أوقات اتحاد الإنسانية.
اننا ونحن نقدم التهاني لاخواننا المسيحيين ، نضرع إلى الله تعالى أن يديم علينا الطمأنينة ، فنحن في الاردن أسرة أردنية واحدة كبيرة ، ننتمي لهذا الوطن ، وولائنا لقيادتنا الهاشمية التي تبث قيم المحبة والتسامح والحوار ، فالأردن كان وما يزال انموذجاً للعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين ، يجسد لوحة فسيفساء متجانسة لا يزيدها التنوع الديني إلا جمالا وعطاء ، فلنستلهم جميعا من جوهر هذه المناسبات المقدسة معاني التسامح والتماسك في وطن الخير والمحبة.
في هذا اليوم لا بد لنا أن نتطلع بألم إلى ما يحدث في مدينة القدس ، مدينة السلام ، ملتقى الروح والجسد لسائر البشر ، خصوصاً في مثل هذه الأيام ، حيث اقامة الطقوس الدينية الجليلة ، فالقدس ستبقى رمزا للتعايش والمحبة والسلام ، رغماً عن الاحتلال الذي يحاول قتل روح الحياة فيها بالاستيطان والاجراءات العنصرية الوحشية ، لكن ارادة وصمود المقدسيبن مسلمين ومسيحيين ستفشل كافة مخططات الاحتلال ، مؤكدين على ثبات موقفنا كأدنيين من أجل الحفاظ على المقدسات وعلى الرابطة القوية دينيًا وقوميًا وتاريخيًا للهاشميين والعرب والمسلمين عمومًا بالقدس ، مع تأكيدنا على دور جلالة الملك عبد الله الثاني في الوصاية والرعاية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في المدينة المقدسة ، لتبقى القدس عنوانا للحياة والشموخ .
بقي أن أقول أن رسالتنا في هذه الأعياد مسلمين ومسيحيين هي رسالة المحبة والسلام والتسامح ، ودعواتنا أن يعيد الله هذا العيد وكل الأعياد علينا ، وقد تحققت آمالنا وتطلعاتنا في حياة كريمة فضلى في ظل راية حضرة صاحب الجلالة ، كما وندعو الله ان يعم السلام في بلد السلام وأن تكون القدس ومقدساتها مفتوحة لجميع المؤمنين وأتباع الديانات السماوية ليمارسوا شعائرهم الدينية بكل حرية وأمان.
كما واننا في هذه المناسبة نبتهل إلى الله عز وجل أن يحفظ الامة العربية وان يمن عليها بوافر الاستقرار في تحقيق الحريه و الاستقلال من دنس الفئوية والمذهبية والاستبداد والتطرف والارهاب ..
وكل عام وانتم بألف خير .