يبدو أن مسألة تمكين الشعب الفلسطيني من الدفاع عن وجوده بات قرارا دوليا يراد تنفيذه وان كانت مسألة ترسيمه تدخل بمسارين متضادين في المضمون لكن ادواتهما واحدة التي تشكل عنوانها الانتفاضة فبينما يتحدث الاول عن تدويل الانتفاضة يدخل المسار الاخر الانتفاضة في مغبة التأويل نتيجة لادخالها ضمن برنامج عولمة الانتفاضة فالحديث عن تدويل الانتفاضة يقوم على تمكين الانتفاضة من تحقيق ذاتية وجودها ضمن الجغرافيا السياسية التي كفلتها القوانين الدولية وهو برنامج يقوم على التمكين والتأطير وتعزيز هوية الذاتية الفلسطينية في اطار الجغرافيا السياسية القانونية.
وهو ما تعمل على تبنيه القيادة المركزية الوسطى سنتكوم كما تشير بعض التحليلات الواردة وذلك بهدف اعادة ترسيم المنطقة لذاتية حضورها في المشهد العام والتقدم خطوة باتجاه نظامها الاقليمي الموعود وذلك قبل شرعنة الدور الايراني بالمنطقة بتوقيع صفقة الاتفاقية النووية وذلك بوضع كرسي فلسطين في القيادة الاقليمية القادمة وهو الطرح الذي يقف عليه جلالة الملك عبدالله الثاني في اعادة ترسيم المنطقة لذاتية دورها والذي المهم ان يكون نابع من شراكة حقيقية تحقق قواعد السلم الاقليمي قائمة على المشاركة بعناوين تشاركية.
واما المسار الاخر الذي تتبناه بعض القوى المتصهينة في بيت القرار الاقليمي والدولي بايقاع اعلى من بيت القرار الاسرائيلي فانه يقوم على مسار عولمة الانتفاضة وهو مصطلح جديد يتم تداوله في اروقة صناعة القرار الدولية وسرعان ما اخذت تردده بعض الاوساط الاسرائيلية وبل تتبناه بعض قوى اليمين المتطرف غير المتصهين التي تعرف بالحريديم وكما وغيرها من القوى السياسية التي تخشى من عملية التسييل الديموغرافي للشعب الفلسطيني في داخل المجتمع الاسرائيلي في اطار مصطلح المواطنة اذا ما دخلت المسألة الفلسطنية بالحلول التي تهضم الجغرافيا والديموغرافيا بالضفة الغربية في آن واحد.
برنامج عولمة الانتفاضة الذي يدعو لايجاد روافع دولية داعمة للشعب الفلسطيني تحفظ له كينونته يأتي وفق منظومة عمل منهجية تقوم على وضع اطار ديموغرافي للشعب الفلسطيني لكن بلا اطار جغرافي يحدد هويته وهو برنامج يفصل الجغرافيا الفلسطينية التي اقرتها الشرعية الدولية عن ديموغرافية المجتمع وهويته العربية وذلك عن طريق تمكين الشعب الفلسطيني من حماية ذاتية وتمكينه من الحفاظ على الاطر الديموغرافية التي تحفظ له كيونيته لكنها بذات السياق تحفظ للمجتمع الاسرائيلي هويته اليهودية وهو ما يضع حد للتسييل الديموغرافي العربي في الاوساط الاسرائيلية بعد النموذج الذي تم ترسيمه في المجتمع الاسرائيلي الذي بدأ يتراجع عن فكرة هضم المجتمع العربي في داخل المجتمع الاسرائيلي وتواتر الاحاديث في اروقة الكنيست الاسرائيلية عن سياسات تقصي للمجتمع العربي من بيت القرار فى الكنيست الاسرائيلية.
واستخلاصا من ذلك فان المشهد الفلسطيني يتوقع ان يدخل بمناخات جديدة اساسها يقوم على نهج الانتفاضة الذي توافق عليه الجميع من اجل تمكين الشعب الفلسطيني من ذاتية وجوده عبر منهجية تسندها روافع اقليمية ودولية وهذا ما قد يدخل الانتفاضة الفلسطينية باستراتيجات عمل تترواح بين المقاومة المدنية وبين المقاومة المسلحة مع هذا البرنامج الذي كان يرفضه الرئيس الفلسطيني محمود عباس فهل يغير الموقف بتغير المناخ هذا ما ستجيب عنه مستقبل الايام القادمة؟! التي يبدو انها ستحمل متغيرات عميقة على المشهد الفلسطيني كما على نظام الضوابط الموازين في المنطقة التي سيتجه اما باتجاه تدويل الانتفاضة او انه سيذهب باتجاه عولمة الانتفاضة!.