قانون التنفيذ بعد التعديل
م.سميح جبرين
22-04-2022 02:41 PM
جاء في عنوان الخبر المنشور على موقع عمون الاخباري " قانونية النواب تقر مشروع التنفيذ بتعديل مواد للموازنة بين حقوق الدائن والمدين" .
بعد قراءة ما جاءت به التعديلات والتي كان أبرزها ، منع حبس المدين على دين يقل عن خمسة الآف دينار ، وتخفيض قيمة الدفعة الأولى عند عمل تسوية من 25% إلى 15% من قيمة الدين وتقسيط باقي الدين على دفعات شهرية .
ومن موجبات تعديل القانون حسب ما جاء بكلام رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب هو ، الموازنة بين حقوق الدائن والمدين.
ولكن الملاحظ في معظم التعديلات المقترحة، أنها جاءت لصالح المدين، حيث لم تأتي التعديلات بضمانات للدائن لتحصيل دينه سوى منع المدين من السفر ، وكأن الأردنيين لاهم لهم سوى السفر ، ومن أجله سيبادرون لتسديد ديونهم .
إن هذه "الضمانة " تأتي كوجه آخر لمقولة " قالوا للحرامي أحلف ، قال قد جاء الفرج ".
المشكلة لا تكمن عند المدينين العاجزين فعلاً عن سداد ديونهم ، وإنما عند الكثرة اللذين يريدون التهرب من سداد ديونهم ، فهؤلاء من تأتي بنود القانون الحالي قبل التعديلات وبعد التعديلات لصالحهم ، وسنرى في قادم الأيام وبعد سريان التعديلات، كيف ستستغل هذه التعديلات من قبل فئة ممن تزيد ديونهم عن الخمسة ألاف دينار بمبالغ بسيطة ، ليبادروا بتسديد هذه المبالغ كي يصبح دينهم أقل من خمسة ألاف دينار ، وبذلك سيتخلصوا من تهديد السجن الذي كان يلاحقهم ، ولا يتبقى شيء يقلق راحتهم ويدفعهم لتسديد بقية الدين طالما أن منع السفر هي الوسيلة الوحيدة التي ستلزمهم بسداد دينهم ، ولسان حالهم يقول " عمرو لا حدا سافر ".
بكل بساطة نستطيع القول بأن تعديلات القانون جاءت لغرض واحد فقط وهو ، تخفيض عدد نزلاء السجون المكتظة ، وبالتالي تخفيض الكلفة المالية التي تتكبدها الدولة لإدارة هذه السجون . ولا نرى أي جديد بهذه التعديلات لحفض حق الدائنين ، لا بل فاقمت معاناتهم .
كنا نتمنى أن تبحث اللجنة القانونية بالأسباب الحقيقية وراء ارتفاع أعداد المطلوبين للتنفيذ القضائي من المدينيين ، وأن لا تحصر هذه الأسباب بجائحة كورونا وما خلّفته من عجز عند البعض عن الوفاء بديونهم ، فأعدد المطلوبين كان كبيراً قبل جائحة كورونا بكثير ، ولو تمعنت اللجنة القانونية بمجلس النواب بنوعية الديون المترتبة على الدائنين ، لوجدت غالبيتها تتعلق بديون ناجمة عن أمتناع المستأجرين عن دفع قيمة إيجارات العقارات وخاصة السكنية منها ، ولو تمعنت أكثر وأكثر لوجدت أن قانون المالكين والمستأجرين هو وراء تشجيع المستأجرين على عدم الإيفاء بالتزاماتهم العقدية . فالمستأجر مطمئن بأن مالك العقار لن يستطيع اخراجه من العقار قبل مرور عدة سنوات على إجراءات التقاضي التي تلزمه بإخلاء العقار ، ومطمئن أكثر بأن دفع ما ترتب عليه من أجور وغرامات ،سيأخذ إجراءات قضائية طويلة تنتهي بعمل تسوية وتقسيط المتبقي على دفعات شهرية قد تمتد لعشرات السنوات .
المطلوب من اللجنة القانونية أن تعمل على منع توليد الديون عند الناس ، وتعديل قانون المالكين والمستأجرين سيحد كثيراً من هذه الديون ، وسيخفف العبء الكبير على المحاكم المشغولة بنسبة كبيرة بقضايا المالكين والمستأجرين .
لننظر إلى الكثير من دول العالم وللعديد من الدول العربية كيف تطوّر القانون عندهم ، وأصبحت عقود الإيجار تبرم في مكاتب خاصة لها صلاحيات بإخلاء المأجور من المستأجر في حال عدم التزامه بعقد الإيجار ، وخلال مدة أقصاها شهر ، ودون الحاجة للذهاب للمحاكم التي بدورها ستلزم المستأجر بإخلاء المأجور أيضاً ، ولكن بعد سنوات طويلة من المماطلة ، مما يراكم ديون كبيرة على المستأجر يصعب عليه تسديدها لاحقاً ، وهذا ما يترك أثره الضار على مالك العقار .
تعديل قانون المالكين والمستأجرين ، يقطع الطريق على كل من يتقصّد استئجار عقار بنية عدم الالتزام بالدفع ، لأنه بات يعلم بأنه سيطرد خلال شهر في حال عدم دفع الأجرة .