معركة الكرامة بين العمل الاستخباري والروح القتالية
الدكتور محمد خلف الخزاعلة
21-04-2022 09:44 PM
في البداية تمكنت الأجهزة الاستخبارية الأردنية من رصد حركة قوات العدو في غرب نهر الأردن، سواء كانت هذه الحركة على مستوى الأرض أو في الجو أو على مستوى الآليات بمختلف أنواعها أو على مستوى حركة الافراد، مما إعطاء انطباع اولي لدى الجيش الأردني بان لدى العدو نية، قد يستهدف من خلالها الدخول في معركة مع الجيش الأردني ونقل الصراع العربي الإسرائيلي من الأراضي الفلسطينية إلى الأراضي الأردنية، وعلى ضوء ذلك تمكن الجيش الأردني من اتخاذ احتياطاته الازمة وحسب الإمكانيات المتوفرة لديه وخاصة وان معركة الكرامة جاءت بعد عام على حرب 1967 بين العرب وإسرائيل، التي شارك فيها الجيش العربي الأردني لجانب الجيوش العربية من أجل الدفاع عن فسطين والمقدسات العربية والإسلامية.
وفي صباح 21/ اذار/ 1968 حاول الجيش الإسرائيلي استخدام عنصر المفاجأة في محاولة دخول الأراضي الأردنية، سواء في التوقيت حيث اختار الساعة 5:30 من صبيحة يوم المعركة، أو المكان من خلال محاولته المفاجأة بدخول قواته إلى الأراضي الأردنية من عدة محاور: محور جسر الأمير محمد ومحور جسر الملك حسين ومحور جسر الأمير عبد الله ومحور منطقة الغور الصافي، إلا أن محاولة استخدام هذا العنصر من قبل قوات العدو لم يجدي نفعاً، وذلك بسبب قوة الاستخبارات العسكرية الأردنية، التي كانت تملك المعلومات الكافية عن كافة تحركات العدو، مما جعل قوات الجيش العربي الأردني تقف كالصخرة الصلبة، بكل قوتها وكامل جاهزيتها وعلى أتم الاستعداد، متسلحة بروحها القتالية والمعنوية العالية.
وبالتالي تمكن الجيش الأردني من التصدي لقوات العدو على طول جبهة القتال، حيث حدث اشتباك كبير بين الطرفين استمر القتال فيه لعدة ساعات، تكبدت على أثره قوات العدو خسائر كبيرة جدا، مما اضطره الى الانسحاب الكامل من أرض المعركة وطلب الهدنة والصلح، تاركين خلفهم الكثير من الخسائر في الأرواح البشرية والمادية، وتمكن الجيش الأردني في ظل قيادته الهاشمية الحكيمة، ومن خلال ما تمتع به من الروح المعنوية العالية والإعداد المعنوي المتميز، بالإضافة للروح القتالية التي ميزت افراده وأقبالهم على الموت كإقبالهم على الحياة من تحقيق الانتصار على القوات الإسرائيلية وطردهم من أرض المعركة.
وبالتالي فشل الجيش الإسرائيلي تماماً في هذه المعركة من تحقيق أهدافه أياً كانت وعلى جميع المحاور، سواء في احتلال مرتفعات البلقاء أو الوصول الى عمان، أو احتلال منطقة الاغوار، أو يصبح القوة المنتصرة التي تفرض شروط التسوية على المنطقة بشكل عام وعلى الأردن بشكل خاص فيما بعد.
اللهم احفظ الأردن عزيزاً منيعاً أرضاً وشعباً وقيادة.