متطوعون أم مرتزقة للقتال في أوكرانيا
هاشم الحديد
21-04-2022 02:17 PM
تصفهم روسيا بالمرتزقة، وأوكرانيا تصفهم بالمتطوعين، فمنذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتصاعد وتيرتها على كافة الجوانب، لوحظ الحديث بكثرة عن التغطية المتعلقة بالتطوع، فيأتي من جهة، الحديث عن أسلوب وسائل الإعلام الغربية في التعاطي مع فتح باب الإنتساب للمتطوعين للقتال في أوكرانيا ضد الجيش الروسي، ومن جهة أخرى، حديث وسائل الإعلام الروسية عن إعلان الرئيس الروسي بوتين عن موافقته المبدئية لفكرة جذب المتطوعين للمشاركة في العملية الروسية الخاصة بأوكرانيا، فلماذا تعمل الأطراف المتنازعة بهذه الصورة التي تغذي فكرة التطوع للإنضمام إليها؟ وهل يتم استغلال منصات التواصل من أجل التجنيد؟ وهل لهذا التطوع أبعاد متعلقة بالأيدولوجية الفكرية أم أنها مرتبطة بأوضاع اقتصادية سيئة في بلدانهم، وتردي الحالة الإجتماعية لهم؟
في 27 فبراير، أعلن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي تشكيل فيلق دفاع إقليمي أجنبي في البلاد وأعفى المرتزقة من تأشيرة الدخول. وفي منتصف شهر مارس كان خطاب الرئيس بوتين وحديثه الواضح خلال اجتماع مجلس الأمن الروسي حين قال: "إذا كان هناك أشخاص يريدون الانضمام بشكل طوعي، لا سيما إذا لم يكن ذلك من أجل المال للقدوم وإنما لمساعدة الأشخاص الذين يعيشون في دونباس، حسنًا نحتاج إلى مقابلتهم في منتصف الطريق ومساعدتهم على الانتقال إلى منطقة الحرب". قد فتح الباب على مصرعيه للبحث والاستقصاء حول طبيعة هؤلاء الأشخاص المقصودين، والذين يمكنهم التنقل والسفر من أجل القتال تحت فكرة "القتال من أجل الحرية" أو حتى القتال من أجل المال.
يمكننا القول إن استقطاب المتطوعين بهذا الشكل ما هو إلى دليل على أن المعركة على الأرض الآن هي معركة المرتزقة بعضهم ببعض، وهذا ما تسعى روسيا أو أوكرانيا لفعله في طريقة استقطابهم. ومن هذا المنطلق فإن فتح باب التطوع وإعلان أوكرانيا إنشاء "الفيلق الدولي" للإنضمام للجيش الأوكراني في صد الهجوم الروسي، قد سهل العمل على الأوكرانيين لإنشاء أرض تعج بالمرتزقة من كل الجنسيات، بالإضافة إلى ذلك ومع تصاعد وتيرة الأزمة، فإنه وبالفعل وصل عشرات الآلاف إلى أوكرانيا، هاربين من الأوضاع المعيشية السيئة في بلدانهم، باحثين عن المال، وتحدثت عن ذلك صحيفة التايمز البريطانية حين كشفت أن أوكرانيا تقوم بتجنيد "مرتزقة ماهرين" لتنفيذ عمليات داخل البلاد، تشمل مواجهة المرتزقة التي يرسلها الكرملين وجهاً لوجه، مقابل مبالغ تصل إلى 2000 دولار يومياً. تحدثت أيضاً تحقيقات و تسريبات عن محاولات تجنيد عراقيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي من أجل مشاركتهم مع الأوكران في هذه المعركة، متشبهين إلى حد كبير بالطريقة التي استخدمتها "داعش" كأداة للتجنيد في السابق.
نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديميتري ميدفيديف، تحدث مؤخراً عن فكرة الاعتماد على الغرباء المسلحين في الماضي بأنه كان أمرا خطيراً جدا، وهو الذي أدى في كثير من الأحيان إلى فقدان الدول لاستقلالها، مؤكداً على أن المرتزقة ليسوا متطوعين بالنسبة لروسيا ولا يخضعون لاتفاقيات جنيف.
الكثير من المتطوعين يرون فكرة الخروج إلى ساحة المعركة بأوكرانيا الآن هي فرصة لن تتكرر لدخولهم الدول الأوروبية وحصولهم على الجنسية والإقامة هناك عوضاً عن المبالغ التي سيتقاضوها عن كل يوم عمل في ساحة المعركة، وهم وقود هذه المعركة الدائرة، مستغلين حاجتهم المادية، والبطالة السائدة في مجتمعاتهم، وعدم وجود استراتيجيات واضحة للبنية التحية في بلدانهم مع غياب الخطط الاقتصادية التي توفر لهم فرص العمل فتدفعهم للبحث عن أي وسيلة للهروب.