السلام حول ( كييف ) لن يكرر ( مينسك)
د.حسام العتوم
17-04-2022 11:45 AM
كل شعوب العالم ، وكما أظن ، في توق و شوق كبير لكي تنتهي الحرب الروسية – الأوكرانية ، و لكي يذهب الطرفان المتحاربان الى طاولة السلام ، و أكثر الى السلام نفسه ، خاصة و أنهما جارتان شقيقتان ، و محسوبتين على عمق تاريخ العائلة السلافية الواحدة ، و على السوفيتية كذلك ، و تاريخ أعمق بينهما يمتد ليصل الى الحقبة القيصيرية ، فلماذا لا يكون السلام سريعا حقا ، و لماذا لا يأتي عادلا ، و ما الذي يعيق توقيع السلام بين ( موسكو) و( كييف ) بدلا من الإستمرار في إراقة الدماء ، و تدمير بيوت الأوكران المسالمين في الجناحين الغربي و الشرقي الأوكراني ، بسبب تحويلها غربا لدروع بشرية من قبل المحاربين الأوكران ، و شرقا من قبل الجيش الأوكراني وبالتعاون مع فصائل " أزوف " المتطرفة و العنصرية لدرجة النازية ، و بعد التصادم مع الجيش الروسي المحرر، و حتى كما حدث مؤخرا وسط القرى الروسية المحاددة لغرب أوكرانيا من زاوية الثأر لغبن الحرب الدائرة الوقائية و الدفاعية و الهجومية ذات الوقت من طرف الجيش الروسي عالي التسليح و المحترف الذي يقابله الجيش الأوكراني الأقل احترافا و تسليحا ، و فصائل ( أوزوف ) المتطرفة سابقة الذكر هنا .
وتعود بي الذاكرة في الشأنين الروسي و الأوكراني الى الحقبة السوفيتية ، حيث المجاعة الواحدة في ثلاثينيان و أربعينيات القرن الماضي ، و الى النصر السوفيتي الواحد على النازية الهتلرية ، و طردها الى عمق برلين ، و رفع العلم السوفيتي الواحد فوق مبنى ( الرايخ – البرلمان ) الألماني عام 1945 ، والى استقلال كل من روسيا الاتحادية و أوكرانيا عن منظومة الأتحاد السوفيتي المنحل عام 1991 ، و عندما إختار كل منهما طريقا مستقلا نحو البناء مع الأحتفاظ بالخطوط المشتركة الكبيرة ، مثل المحافظة على شبه جزيرة ( القرم ) في إطار العهدة الأوكرانية ، منذ منحها لها في زمن الرئيس السوفيتي نيكيتا خرتشوف عام 1954 لأسباب اقتصادية، ومنها الحصول على مخرج مائي لأوكرانيا من جهة البحر الأسود ، وكلنا نعرف أهمية ( القرم ) الاستراجية بالنسبة للاتحاد السوفيتي سابقا ، و لأوكرانيا في حقبة الوصاية الروسية ، و لروسيا نفسها بسبب رسو الأسطول الروسي السوفيتي السابق النووي العملاق في مياه ( القرم ) على ضفاف البحر الأسود ،إلى أن جاء عام 2014 ، و عندما تحرك التيار البنديري المتطرف القادمة جذوره من أتون الجناح الهتلري النازي في الحرب العالمية الثانية 1939 1945 ، و اخترق النخبة السياسية الجديدة في ( كييف ) عبر انقلاب دموي دبر بليل بالتعاون مع الغرب الأمريكي بقصد استهداف روسيا من طرف حدودها الجنوبية ، وهو عمل عدائي مشترك ( غرب أوكراني و غرب أمريكي ) ، ردت عليه موسكو – بوتين فورا بسحب إقليم ( القرم ) ، و إعلانها بأن الهدية التاريخية إنتهى مفعولها ، و راهن غرب أوكرانيا منذ عهد الرئيس الأوكراني السابق ( بيترو باراشينكا ) ، ومع قدوم الرئيس الأوكراني الحالي( فلاديمير زيلينسكي ) و نخبتهم السياسية الحاكمة المتطرفة على التقرب من الغرب ، ومن الاتحاد الأوروبي الذي لم و لا تمانع روسيا الاقتراب منه أوكرانيا ، و لمحاولة دخول أوكرانيا حلف ( الناتو ) العسكري المعادي لروسيا بهدف تحرير ( القرم) ، الذي أعلنت روسيا عودته كاملا لعرينها ، و بحكم تاريخه الروسي الطويل منذ عهد الامبراطورية القيصيرية يكاتيرينا الثانية عام 1783 ، و الشروع المشترك مع الغرب الأمريكي لإنتاج (قنبلة نووية ) سرية في الجوار الروسي الجنوبي، و محاولة ضم شرق أوكرانيا (الدونباس و لوغانسك ) ليس من خلال إتفاقية ( مينسك 2015 ) التي اشركت بها روسيا ، بيلاروسيا ، ألمانيا، و فرنسا عبر الحوار ، لكنها فضلت ذلك بقوة السلاح ، و هو أمر سرابي لم و لن تقبل به موسكو تحت أي ظرف ، و رغم تحريض الغرب مجتمعا و عقوباته الاقتصادية و الدبلوماسية المعاصرة ، و هو الذي عملت من أجل تحقيقه غرب أوكرانيا على مدى ثماني سنوات عبر التطاول على حياة الشرق أوكرانيين ، و التمكن من قتل حوالي 14 الفا منهم ، ومن بينهم حوالي 500 طفل ، و الدفع بغيرهم الى الملاجيء و التشرد ، فما هو نص اتفاقية ( مينسك ) برمتها ؟ و ما ذا اكتشفت الإستخبارات الروسية بعد ذلك على لسان مديرها سيرجي ناريشكين ؟ ، و كيف ستنتهي الحرب عبر عمليتها العسكرية الخاصة الروسية ، و عبر مواصلة غرب أوكرانيا و فصائل " أزوف " المتطرفة العنصرية لدرجة النازية قصفها لشرق أوكرانيا ، حيث يعيش شعبهم الأوكراني في (الدونباس و لوغانسك ) الناطقين بالروسية والقادمة جذورهم من أصول روسية ، و الموالين تاريخيا لروسيا ، و بحجم يصل الى ( 4 ) ملايين نسمة ؟
لقد نصت اتفاقية ( مينسك ) على وقف القتال داخل أوكرانيا فورا ، و سحب الأسلحة الثقيلة ، و مراقبة وقف القتال ، و بديء الحوار حول ( الدونباس و لوغانسك ) ، والافراج عن الرهائن ، و تحريك السوق المالي ، و سيطرة أوكرانيا على كامل سيادتها غربا و شرقا عبر الحوار ، ووقع الاتفاقية عن الجانب الأوكراني الرئيس وقتها ليونيد كوتشما ، و عن الجانب الروسي السفير ميخائيل زورابوف ، وغيرهم . لكن غرب أوكرانيا بقيادة باراشينكا و من ثم زيلينسكي فقد بوصلة الهدف المنشود ، وتحت الضغط الغربي الأمريكي ، وهو الذي أكده حديثا رئيس روسيا الأتحادية فلاديمير بوتين ، و ذهب إلى خيار الحرب الخاسرة ، و السلام الجديد القادم الذي ستوقعه غرب أوكرانيا و( بإسناد معلن من قبل الغرب الأمريكي ) مع روسيا ، بعد تحريرها لشرق أوكرانيا بالكامل من الجيش الأوكراني ، ومن فصائل " أزوف " ، سيكون من دون ( القرم ) ، ومن دون ( الدونباس و لوغانسك ) ، و هي الأقاليم التي تم إعلان أحدها مثل ( القرم) روسيا ، و الإقليمين الأخرين مستقلين في إطار الحكم الذاتي للدولة الأوكرانية ، و يمتلكان معاهدة تعاون و دفاع مشتركة مع روسيا ، و هو الأمر الذي خول روسيا لإدخال جيشها الأحمر الى أوكرانيا شرقا في حرب دفاعية و قائية ، و لمهاجمة التطرف ذات الوقت المؤذي لسكان الشرق ، و لإبعاد الغرب الأوكراني أيضا عن مواصلة التطاول على الشرق الأوكراني و على روسيا نفسها بعد الإرتكاز على المادة 51 7 من مواد الأمم المتحدة التي نصت على أحقية الدفاع للدولة العضو في الأمم المتحدة المعتدى عليها مثل روسيا ، و لقد كشفت الأستخبارات الروسية بقيادة ناريشكين مخططا متكاملا لمهاجمة الشرق الأوكراني ، و روسيا عبر أنماط عدائية على شكل حزمة كاملة ، منها تجهيز( 30 ) مركزا بيولوجيا و بتمويل أمريكي مباشر قاده ابن الرئيس الأمريكي جو بايدن – هانتر ، هدفه نشر الفايروسات عبر طائرات خفيفة مسيرة و متطورة تكنولوجيا داخل روسيا و في المنطقة ، و ها هما أمريكا و بريطانيا و حلافئهم في العالم يزودون غرب أوكرانيا بالسلاح و المال الوفير و بسخاء ملاحظ ، هدفه تجاوز ال 6 مليارات دولار ، و 300 مليون فقط من بريطانيا ، و زيارات ميدانية غربية ( لكييف ) الجريحة بهدف الإبقاء على الحرب الباردة و سباق التسلح ، و استنزاف روسيا عبر ملف ( الحرب الأوكرانية ) التي لا تعنيهم كثيرا ، بقدر ما يعنيهم التفوق العسكري الروسي فوق النووي الى درجة الرعب ، و ظهروا بطريقة تدعو للسخرية يفرقون بين غرب و شرق أوكرانيا ، و يساندون التطرف و العنصرية و النازية بقايدة فصائل " أزوف " بدلا من الدعوة للحوار و الجلوس حول طاولة الحوار العادلة .
و لقد كشفت الصحفية الأمريكية ( لارا لوجان ) لصحيفة (fox nations ( الأمريكية بضلوع بلدها في دعم الثورة البرتقالية في ميدان العاصمة الأوكرانية ، و التي نجحت بالأنقلاب على الرئيس الأوكراني ( فيكتور يونوكوفيج ) الموالي لروسيا و القدوم برجالات (واشنطن ) ، بيترو باراشينكا , و فلاديمير زيلينسكي الذي وصفته بدمية أمريكا ، و ذهبت أمريكا بعدها لتدريب فصائل " أزوف " المتطرفة لدرجة النازية ، و نشر مراكز بيولوجية خبيثة ، و تجهيز طائرات مسيرة لتنفيذ أعمالها العدوانية ضد روسيا . و بالمناسبة لم تهدف روسيا من خلال عمليتها العسكرية الخاصة لاحتلال أوكرانيا أو العاصمة " كييف " كما يشاع إعلاميا ، و هو ما ألمح اليه الرئيس بوتين مؤخرا بعد لقائه الرئيس البيلاروسي لوكاشينكا في محطة فضائية جديدة ، بأن روسيا لن تصل الى برلين هذه المرة ، و قصد ( كييف ) وكل دولة مجاورة مثل ( فنلندا و السويد) المعروض عليهما دخول ( الناتو ) بهدف استفزاز روسيا و جرها لحرب معهما .و تصريح جديد لمدير الأستخبارات الأمريكية CIA) ( وليام بيرنز ، قال فيه بأن انتكاسات روسيا العسكرية في أوكرانيا ( حسب تعبيره ) ستقودها لأستخدام السلاح النووي التكتيكي منخفض القوة ، و هنا تتذكر أمريكا ربما إجتياحها بالسلاح نفسه لمطار بغداد عام 2003 ، وما هو أخطر منه ، و أكثر قوة في قصفها لليابان في موقعتي ( هيروشيما و ناكازاكي ) عام 1945، ويوغسلافيا و سوريا بالسلاح التقليدي المتطور، و روسيا بالمناسبة التي صنعت القنبلة النووية في العهد السوفيتي عام 1949 ، أنتجتها لأسباب وقائية ، مانعة لحلف ( الناتو ) بقيادة أمريكا من استخدامها ضدها ، و ضد حلفائها ،و لروسيا كما هو معروف جيشا عملاقا و متطورا تكنولوجيا يستطيع استخدام الأسلحة التقليدية - غير المحرمة أو المحظورة دوليا . وهاهو الرئيس بوتين يوجه مصادر بلاده الطبيعية من (غاز و بترول ) تجاه الشرق بعد عزوف الغرب عنها تحت تأثير الثنائي الملفت للنظر، ( أمريكا و بريطانيا ) لعدم الشراء من روسيا بسبب إرتفاع منسوب العداء و الكراهية لديهما لروسيا ، و الحسد كذلك ، خاصة بعد فرضها التعامل معهم إقتصاديا بعملتها الوطنية ( الروبل ) . وفي مدينة ( روسوش ) في محافظة فارونيج جنوب موسكو العاصمة أزال الجيش الروسي مجسما إيطاليا وسط المدينة كان يشير لمشاركة الجيش الأيطالي الى جانب النازية الهتلرية في الحرب العالمية الثانية 1941 1945 , و رسمو مكانه الحرف Z ) ( الذي دخل به الجيش الروسي الى أوكرانيا لتحريرها من التطرف و العنصرية و الفاشية ، و يعني ( من أجل تحقيق النصر ) ، و هو الذي سيكون ، ولن ينتصر الغرب الأمريكي ، و لا ماكنة دعايته المغرضة . و روسيا الاتحادية باقية قوية بالإعتماد على ذاتها ، و لها في الشرق اصدقاء تشمل المنظومة السوفيتية السابقة ، ومن خارجها ، و اصطفافات دولية جديدة متوقعة بعد إسدال الستارة عن الحرب على الارض الأوكرانية التي يراد لها من طرف الغرب أن لا تنتهي .