لا تحقرن صغيرا في مخاصمة........ان البعوضة تدمي مقلة الأسد....هذا بيت من الشعر قاله شاعر امتلك من الحكمة الكثير وهنا حكمته جاءت بنوعيها ,الحكمة في في الحياة في جميع تحدياتها ومعاركها ,خاسرة كانت أم رابحة ,والحكمة من النوع الطبي وهذا ليس بغريب , فلقب حكيم قد أطلق على الطبيب المعالج منذ القدم, وكأن لسان حاله يخبرنا بالخطورة الكامنة بالبعوضة على صغر حجمها,
أردت من سرد هذه المقدمة القصيرة أن أجعلها مدخل للحديث حول موضوع هام ,سمعنا عنه في وسائل الإعلام المختلفة خلال الأيام القليلة الماضية ,وهو ظهور عدد من الأصابات الجديدة بما يسمى مرض حمى النيل الغربي ,في مناطق مجاورة مثل اسرائيل والأراضي الفلسطينية.
ولمن لم يسمع بهذا المرض يمكننا توضيح بعض الأمور حوله باختصار ..,فهو مرض فيروسي ظهرت أول حالة منه في غانا الواقعة في اقليم نهر النيل في العام 1937 ,ومنها أخذ اسمه ,وهو مرض مشترك بين الأنسان والحيوان ,ينتقل بواسطة بعوضة تسمى الكيولكس ,والتي غالبا ما تلدغ طيور مصابه بالمرض مثل الصقور والغربان المهاجرة ومن ثم تعود وتلدغ الأنسان وبالتالي يصل الفيروس الى دم الأنسان ,هذا وقد بدأت الحالات بالظهور في مناطق محتلفة من قارتي آسيا وافريقيا وفي عام 1999 سجلت أول اصابات بالمرض في أوروبا وأمريكا.
وتنتقل العدوى للأنسان من خلال لدغة أنثى البعوض فقط, بينما لا ينقل الذكر العدوى ,حيث أن بيض الأنثى يحتاج الى وجبات من الدم لأتمام نضجه ,وتمتاز البعوضة الناقلة للمرض بخرطوم خاص بمص الدماء, كما تقوم بافراز مادة مانعة للتجلط ,غالبا ما تسبب احمرار وورم الجلد في مكان اللدغة.
ومن ميزات المرض أن 80% من الحالات تمر دون ظهور أعراض ,الا أن الفيروس يبقى في دم الأنسان الملدوغ لمدة لم يتم معرفتها بعد ,أما نسبة 20% المتبقية من حالات العدوى, فتظهر عليها أعراض تشبه في معظمها أعراض الأنفلونزا,تتمثل في ارتفاع في الحرارة ,وآلام مفصلية وعضلية وغثيان وتضخم في بعض الغدد اللمفاوية ,هذا ومن بين كل 150 حالة عدوى تكون هناك اصابة واحدة خطيرة ,تمتاز باعراض شديدة تنتج عن اصابة الدماغ وأغشية السحايا وعادة ما تصيب الأشخاص ذوي المناعة القليلة مثل كبار السن ومرضى الضغط والسكري والقلب والأمراض المزمنة مثل الفشل الكلوي والروماتيزم والسرطان,وقد تؤدي الى الوفاة أحيانا .
ومن الأمور المؤسفة عدم توفر علاج للفيروس ولكن يعطى المصاب أدوية لمعالجة الأعراض مثل مسكنات الألم وخافضات الحرارة.
وتتركز الوقاية من المرض في عملية كسر دورة حياة البعوضة الناقلة والتي غالبا ما تتم بتدمير البيئة الازمة لوضع بيوضها ,وهي التجمعات المائية الراكدة ,ومياة المستنقعات الملوثة وخطوط الصرف الصحي المكشوفة,فبالتخلص منها لا تجد البعوضة مكان لوضع بيوضها ومن ثم لا تتكاثر ,كما أن لبس ملابس ذات أكمام طويلة لتغطية الأطراف من لدغات البعوض, ووضع المناخل على الشبابيك يساعد في الوقاية ,ومن الأمور الهامة التي يجب علينا فعلها التبليغ الفوري للجهات المعنية مثل وزارة البلديات والزراعة والصحة عن وجود تجمعات لمياه راكدة في مناطق التجمعات السكنية.
وفي النهاية أقول أننا بتنا محترفين للخوف ,فما ان خرجنا من دوامة انفلونزا الطيور حتى جرفنا طوفان انفلونزا الخنازير ,وأنا اليوم أوجه لكم أحبائي رجاء خاص أن لا تعود جينات الخوف وتنشط لديكم تجاه حمى النيل الغربي ,وقد ذكرت لكم آنفا أن خطورة المرض محدودة جدا وتحتاج ظروف معينة ,وأتمنى على الجهات المعنية أن تخاف هي بدورها خوفا مبررا , وتتخذ جميع الأجراءات الوقائية اللازمة لمنع وصول المرض الى وطننا الحبيب ,مع تمنياتي بالسلامة للجميع.