نفهم روحا وقلبا هذه الوطنية المقدسة، وهذه الارض التي تمدنا بالحياة، وتذكي فينا لواعج الحب والتكاتف رغم تباين الاراء واختلاف الطرق، ومن بين معادلات جمة تتوقف عند واحدة وهي اننا دخلنا المئوية الثانية، التي لها مالها من خصوصية وتقاليد، وأكثر من ذلك "الطقوس".
سيد البلاد واذ نتمنى له دوام الصحة والعافية، تحاور مع نخبة من رجالات البلاد بأن الوقت قد حان للتحديث، ومن المعول عليهم ان يعالجوا امور الوطن بالحكمة والروية، وكان ذلك.
لست سياسيا بالمعنى المتعارف عيله، لكنني اتحدث بوصفي اكاديمي.. استاذ جامعي عند مفصل واحد يتعلق بالاحزاب والرؤية الملكية من خلال لجنة التحديث واقرار التعديلات الدستورية، وكذلك قانون الاحزاب وقانون الانتخاب. ولن ننتظر بمحطة القطار، بينما يتأهب للمسير.
حصة الاحزاب في الانتخابات البرلمانية القادمة (41%) وقد نحتاج لفترة زمنية للوصول الى الحكومات البرلمانية لنستوحي منها الخطط القويمة في الميادين المختلفة وخاصة في المجال القومي من خلال مجلس الامن القومي، والزمني الذي يمتد لسنوات قليلة لن نراهن على عددها، ونتخلص من الفوضى التي ترافق مسيرة الخير والعطاء "و تستمر المسيرة" التي يدركها الاردنيون لانهم الاكثر احساسا بها و معرفة لها.
السؤال الكبير.. هل لدينا احزاب.. نعم كان لدينا في الماضي.
ومارست نشاطها في العلن ايام الجد المؤسس الامير والملك عبدالله بن الحسين، وبعدها مارست نشاطها "تحت الارض" وأكثر من ذلك انها حوربت في بعض الازمنة، وسجل سيدنا الكبير الملك الحسين بن طلال بادرتين، الاولى ايام 1954 عندما شكل سليمان النابلسي زعيم الحزب الوطني الاشتراكي حكومته، لكن التجربة فشلت.
وفي العام 1989 اصدر الحسين الميثاق الوطني الاردني، وقام بالغاء الاحكام العرفية وسمح للاحزاب بالعمل.. وقبلها كانت هناك تحديات جمة هددت الدولة الاردنية، فكان للاحكام العرفية ما يبررها.
في التاريخ كان هناك مؤتمر مقهى حمدان، وام قيس تمحورت حول مناهضة (المعاهدة الاردينة ـ البريطانية) وقضايا وطنية اخرى، وكان هناك حركة الاخوان المسلمين عام 1943 كجمعية واعترف بها عام 1946، ثم تحولت الى حزب جبهة العمل الاسلامي لاحقا، وكان هناك حزب الشعب الاردني 1947، والحزب الشيوعي الاردني 1951، وحزب التحرير، واحزاب اخرى دينية وقومية وماركسية ويسارية، وليبرالية ووسطية، وشكل ائتلاف احزاب اردنية واحزاب اصلاح، وتيارات التجديد.. ونكتفي هنا من "عملية العد".
الملك عبدالله بن الحسين لم يكن راضيا عن الواقع على هذا الصعيد فتصدى منفردا واصدر الاوراق النقاشية السبع في محاولة للاصلاح الى ان وصلنا الى لجنة التحديث السياسي، وقبلها الفرصة الاخيرة او فرصتنا الاخيرة في كتاب الملك.
نعود الى السؤال الكبير.. هل لدينا احزاب.. وهل تستحق 41% من حصة البرلمان، عندما يعود سؤالي علي بدون جواب، واعدو في اثر هذا السؤال، لان الثقة الناقصة تلد الحذر التام، والاثنان معا بحاجة الى اجابة.. وعلى سبيل المثال لماذا يتصدى ما يسمى "الحرس القديم" الى هذه المعادلة، واتمنى ان لا يكون الجواب طيف امل، وان لا نتناسى الامجاد الهاشمية والاردنية.
يقال ان انتخابات البلدية واللامركزية افرزت "5" اعضاء حزبيين ويقول اخرون انهم اقل من ذلك.. ويرافق هذا وذلك مسألة "الهوية الجامعة" التي لا زلنا نتوقف امام اسبابها ومغزى قيامها، وامام كل ذلك انا امارس التفاؤل.. لكنني ارفض الانتظار في محطة القطار، واصل الى القناعة بانه لا بد من التحديث.