خرافة الإتحاد العربي
المحامي د. يزن دخل الله حدادين
14-04-2022 11:16 AM
هل من الجائز أن نحلم يوماً ما باتحاد عربي؟ لا أقصد المزاح هنا، بل أعني ما أقول، لكن فقط على سبيل التمني ولو بالحد الأدنى.
نرى اليوم روسيا باتجاه إعادة الأمجاد للاتحاد السوفييتي، كما نرى تمرد الإتحاد الأوروبي على أي رأي خارج إطار الاتحاد لحماية المصالح المشتركة اقتصادياً ومجتمعياً. لكننا نرى الدول العربية منقسمة اتجاه الموقف الدولي في النزاع الروسي الأوكراني (والأمريكي)، تماماً كانقسامها اتجاه الموقف العربي الداخلي. ألم يحين الوقت لإطلاق الشرارة الأولى للاتحاد العربي ولو على الأقل بالشأن الدولي؟ ألا يعيد ذلك الاعتبار ولو نسبياً للدور العربي دولياً؟
ما الذي يمنع من قيام مثل هذا الاتحاد وإن بإطار مختلف عن ذلك الأوروبي؟ لماذا يبدو وكأنه حُكم على العرب بأن يبقوا مشتتتين ضعفاء تابعين عاجزين عن فرض المصالح المشتركة المشروعة؟
إن الذي يعوق عملية الاتحاد في العالم العربي هو انعدام وجود تنمية سياسية واقتصادية حقيقية فاعلة تتيح التفاعل للجميع وتشجع على احياء المبادرة العربية. صحيح أن النخب العربية الحاكمة تعلن عن وجود خطط للإصلاح، لكنه إصلاح جزئي وفي بعض الاحيان شكلي، مما يفقد الإصلاح جدواه ومضمونه لأنه لإنجاح أي آلية للتنمية وللإصلاح وللاتحاد يجب أن تجري تلك الآلية في جو من الجدّية والشفافية والنزاهة. إن التجربة الأوروبية للوحدة أكدت أن الاقتصاد والمصالح المشتركة هما أساس لأية وحدة والركيزة لأي تعاون، غير أن المشروعات الوحدوية العربية عندما تُناقش فهي تتم من منظور سياسي بحت لخدمة توجهات مرحلية تزول بزوال المرحلة. ولذلك كان أمراً طبيعياً أن تفشل التجارب العربية الوحدوية. إن الاقتصاد والمصالح العربية المشتركة هما المدخل لأي وحدة.
قيل إن كل الأحلام لا تتحقق وانما فقط بعضها. لكن ما تحقق من كُبريات الأمور في الإتحاد الأوروبي كان يوماً مجرد أحلام. وما نحن مطالبون به اليوم كشعوب عربية العودة إلى الأحلام الكبرى والتخطيط لها لتصبح مشروعنا الجماعي وهديتنا للأجيال القادمة.