ما اراد رئيس الفدرالية الروسية فلاديمير بوتين وطاقم قيادة دولته العظمى قوله فيما يتعلق بالحرب على غرب أوكرانيا دفاعا عن شرق أوكرانيا ( الدونباس و لوغانسك) و لتحريرها، و عن أمن و سيادة روسيا ، سمعناه و شاهدناه ، و كل العالم بتاريخ 24 شباط المنصرم من هذا العام 2022 ، وكان الحدث مفاجئا و مدويا بحجمه ، و متوقعا لدى جهات لوجستية و سياسية عالمية عديدة بسبب مراقبة تحشداته العسكرية عن كثب ، و يخطيء من يعتقد بأن قرار الحرب ، أي العملية العسكرية الروسية الخاصة ، التي أعلنت موسكو عنها بأنها ستكون نظيفة ، إتخذه بوتين لوحده ، و بطريقة ديكتاتورية ؟! ، و إنما جاء بعد التشاور مع قيادة بلده روسيا السياسية و الأمنية و الأدارية ، و بعد تلقيهم رسالة شرق أوكرانية تناديهم بالاعتراف بإقليمي الدونباس و لوغانسك مستقلين في إطار الحكم الذاتي داخل سياج الدولة الأوكرانية ، التي خسرت إقليم ( القرم ) الاسترتيجي مبكرا بعد انقلاب عاصمتها ( كييف ) عام 2014 ، و نخبتها السياسية الجديدة المحسوبة على التيار البنديري المتطرف القادمة جذوره من رحم الجناح الهتلري للنازية الألمانية ، و بالتعاون اللوجستي مع الغرب الأمريكي الذي أظهر قادته لاحقا و بالتدريج منسوبا عاليا من الكراهية لروسيا ، و تمثلت صورتها بوضوح بشخص الرئيس الأمريكي المتقدم بالعمر جو بايدن ، ووسط الكونغرس و عبر حليفه البريطاني بوريس جونسون ، رغم لقاء ( جنيف ) الحميم السابق الذي جمع بايدن مع بوتين عام 2021 ‘ و بعد تصريح سابق حميد لبايدن ، بأن روسيا ليست عدوة لأمريكا ، و لا يهددها الأطلسي ، موجها خطابه وقتها للشعوب الروسية ، وكان ذلك بتاريخ 15 شباط 2022 ، و لكن كلام بايدن في الليل يمحوه النهار، وهكذا يبدو لنا ، و ظهر و كأنه و جونسون ، بأنهما لا يرغبان بسماع حزمة أسباب الحرب الأوكرانية من وجهة نظر موسكو ، و اعتبراها و معهم الغرب المنقاد لسياسة القطب الواحد الراغب في الهيمنة على أركان العالم ، بأنها حربا بوتينية بإمتياز ، رغم عدالتها الى حد معقول من الجانب الروسي ، و ذهب بايدن و عن قصد لتوجيه شتائم سياسية متكررة لبوتين مثل ( مجرم الحرب ) وغيرها من غير حسبة خط الرجعة و احتمال اللقاء به الى الأمام ، و قرروا في الغرب تعليق المشنقة لروسيا الأتحادية وتدميرها ببطيء اقتصاديا عبر محاصرتها و الغاء الاتفاقات الاقتصادية معها و في مقدمتها مشرو ع الغاز( 2 ) الموجه روسيا لخدمة أوروبا من خلال المانيا ، و هو المكلف ماديا لروسيا و برقم وصل الى 11 مليار دولار ، و لم نعد بعدها نفهم من هو مجرم الحرب فعلا ؟ أو منهم مجرمو الحروب في التاريخ المعاصر ؟ هل هو الرئيس الروسي الذي كشفت استخبارات بلاده عبر مديرها ناريشكين مخططا مدروسا للانقضاض على روسيا و على القرم و على (الدونباس و لوعانسك ) ؟ أم من يزود غرب أوكرانيا ، و فصائل " أوزوف " المتطرفة العنصرية لدرجة النازية بالسلاح و المال الوفير مثل أمريكا و بريطانيا و عموم الغرب لكي لا تتوقف الحرب ، و لتحقيق اهداف استراتيجية متوسطة و بعيدة المدى تبدأ بالأستنزاف لروسيا و تنتهي بفرض الشروط على موسكو بعد التمكن من انتاج قنبلة نووية مجاورة ، و التعاون مع حلف ( الناتو ) المعادي لروسيا ، و الشروع بالتطاول على ( القرم ) ، و ( الدونباس و لوغانسك ) ، مما دفع الغرب الأمريكي برمته لشن حرب بديلة اقتصادية عبر عقوبات صارمة ، رافقتها مثلها السياسية و الدبلوماسية ، بدلا من تبني سياسة الحكمة و طاولة الحوار ، و السعي لتوقيع معاهدة سلام تحت مظلة الأمم المتحدة و مجلس الأمن لأنهاء الحرب ، و للعودة للسلام و التنمية الشاملة الخادمة لروسيا و لأوكرانيا و للغرب و لكل العالم من جديد . وبدى لنا الحدث الأوكراني الذي كتب سيناريوه نخبة زيلينسكي و البنتاغون و الأيباك مجرد طعم لسنارة أمريكا و بريطانيا و الغرب لتسخين الحرب الباردة و سباق التسلح و للجم نهوض روسيا الأتحادية العظمى.
و هكذا نجد بأن رسالة الرئيس بوتين و قيادة بلده الأولى وصلت عبر حملة السلام من أجل تحرير شرق أوكرانيا ، و غربها من التيار البنديري العنصري و المتطرف ، و بهدف تنظيف أوكرانيا من فصائل " أزوف " - الحركة الفدائية الميدانية الأكثر تطرفا لدرجة الممارسات النازية ، وهي التي حاربت الى جانب الجيش الأوكراني في شرق أوكرانيا في منطقة " ماريوبل " تحديدا قبل سيطرة الجيش الروسي الأحمر على معابرها و بمشاركة القوات الخاصة الشيشانية المحترفة و المتفوقة عالميا ، ومن حق القاريء الكريم أن يسأل عن موجة التطرف في أوكرانيا وبكامل جذورها التاريخية الهتلرية ، و عن موجة الأعلام المضلل الغربي المؤثر على الجناح الشرقي من اعلام العالم ، و على الأعلام العربي أيضا ، و الأمثلة كثيرة على ما أقول مثل قلع عيون أسرى الجيش الروسي ، و إزالة الأعضاء البشرية لعدد منهم ، و اتهام روسيا بقصف مستشفى " ماريوبل " للولادة بينما كانت فصائل " أزوف " تختبيء بداخله ، و كذلك الأمر بالنسبة لحادثتي " محطة قطارات -كراماتورسك " شرق أوكرانيا بصاروخ ( توشكايو ) الذي لا يستخدمه الجيش الروسي ، و " بوتشا " بالقرب من العاصمة ( كييف ) ، في وقت أعلنت فيه وزارة الدفاع الروسية عن تقديم ( 452 ) طنا من المساعدات الإنسانية لمناطق محافظة ( كييف ) ، وإشاعة احتمال أن تستخدم روسيا السلاح الكيميائي لضرب المواطنين الأوكران ، وكل ما سبق نفته موسكو بالأدلة الميدانية الدامغة ، ومثل نموجا غربيا بأن الحرب خدعة فعلا ، و قادرة على جذب استعطاف المنظمات الغربية الأنسانية ( الحنونة ) التي لا تريد أن ترى خطايا التطرف الأوكراني في شرق أوكرانيا و الذي تسبب في مقتل حوالي 14 الفا منهم و من بينهم أكثر من 500 طفل ، و تغمض عينيها عن الأوكران و الروس و هما من أكثر الشعوب السلافية الشقيقة قربا لبعضهم البعض، و بأن العقلية السياسية و العسكرية ليست عدوانية ، و لا إحتلالية ، و لا تستهدف المواطنين تحت أي ظرف ، و لا تخطط لإحتلال العاصمة " كييف " . و لذلك دخلت روسيا محررة و ليست محتلة كما يشاع ، و عرضت ذاتها لحملة غربية مبرمجة شرسة متطورة ، تثبت من جديد بأن أمريكا بإسم الغرب و معها بريطانيا لا يؤتمن جانبهم ، و بأن الغدر شيمتهم ، و رسالة بوتين الجديدة أعطت معاني هامة تستحق التوقف عندها ، و هي التي جاءت على الشكل التالي.
يقول الرئيس فلاديمير بوتين في رسالته المباشرة الموجهة للبشرية جمعاء ، و التي وصلتني عبر شبكة الذكاء الأصطناعي " الواتساب " و باللغة الروسية ، و استهدفت أيضا شريحة الصحفيين و الدبلوماسيين ، حيث بدأها بالقول ، و بما معناه ، يوجد سلوك بالمفهوم الروسي عنوانه " سواليف " ، أما انا لا أريد هنا أكذب ، و سوف أقول الحقيقة ، و بوضوح ، .. روسيا دولة عظيمة و غنية ، و أهم ما تمتلكه وجود 150 قومية ، تعيش بعدالة ، و لانريد أراضي جديدة ،و نمتلك مصادر طاقة و طبيعية كبيرة ، و نعيش بعرق جبيننا و ليس بالإتجار غير المشروع ، ومن يجيد اللغة الروسية يعرف بأن مصطلح " روسي " يعني كل قومياتنا ، السلافية ، و التتار ، و اليهود و غيرهم ، و نجد أنفسنا موحدين رغم التباينات اللغوية و في العادات و التقاليد ، و وجدنا بأننا أمام حالة دفاع واحدة بوجه العنصرية و الفاشية . لقد تبادلنا 50 أسيرا عسكريا مع أوكرانيا – و يقصد الغربية ، فلم نلاحظ مثل هكذا إساءة بشعة من قبلهم لأسرانا منذ الحرب العالمية الثانية الأخيرة ، فلقد وصلو الينا من دون أصابع و من دون أعضاء ، بينما عاملنا أسراهم معاملة حسنه و أعدناهم لبيوتهم . سيكون الأمر مخجلا لمن يساند أصحاب هكذا سلوك مشين متوحش ، ومن أختارو أمامهم في صدارة الحرب النساء الحوامل ، و الأطفال، و الغرب بقيادة بايدن يزودوهم بالسلاح و المال في المقابل ، و الصمت سيد الموقف ، و هذه المرة لن نصل نحن الروس الى برلين ، سنبقى في حدود دولتنا التاريخية . أوجه ندائي لمن يرغب بحياة هادئة ، و ينعم بتربية أطفاله ، و أن يصادق شعوب العالم ، بأن يساعدوا روسيا لمعالجة الورم الأوكراني السرطاني العنصري الذي تغذيه أمريكا و( الناتو ) على حساب جيوبكم و الضرائب ، و يرفعون الأسعار ، ليحصدو الثراء ، و اذا ما توحدنا ستنتهي العنصرية في أوكرانيا ، نريد لنصرنا أن يكون سريعا و مشتركا معكم.
و أخيرا هنا و ليس أخرا لقد أصبح الرأي العام العالمي أمام وقفة ضمير لكي يميز الغث من السمين ، و يميز بين المعتدي ، و المتصدي للعداء ، و يصعب تغطية الشمس بغربال ، و الحقيقة و ما وراءها محتاجة للإستقصاء الصحفي و الأعلامي و السياسي النزيه العادل ومن دون مواربة أو تضليل ، و لم يعد ممكنا في عالم الأعلام المتعدد القنوات ممارسة الخديعة الأعلامية ، و لا مخرج لأمن العالم من غير سيادة عالم الأقطاب المتعددة ، و نعم لزوال عالم القطب الواحد المتغطرس ، و الممارس للفساد و الدمار و التحريض المبرمج ، و العابث بإستقرار إقتصاد العالم ، و بأمن الانسان .ونعم للسلام الممكن تحويله لتنمية شاملة خادمة للبشرية جمعاء.