لماذا الانضمام إلى اتفاقية المشتريات؟
باتر محمد وردم
19-08-2010 04:14 AM
كتب المحلل الاقتصادي د. يوسف منصور مقالا مهما جدا في الزميلة الجوردان تايمز وفي موقع أردن مبدع الالكتروني يتساءل فيه عن جدوى واسباب الرغبة في الانضمام الى الاتفاقية الدولية للمشتريات الحكومية المنبثقة عن منظمة التجارة العالمية. وجهة النظر التي يطرحها منصور لا بد من قراءتها بتعمق وهي بمثابة دعوة الى فتح باب النقاش ايضا في التوجه السائد حاليا في القطاع العام للاستعانة بالمؤسسات والشركات والمقاولين الأجانب في ادارة وتنفيذ المشاريع المحلية.
يقول د. منصور في مقاله أن الأردن هو الدولة النامية الوحيدة التي تبدي حماسا للانضمام لهذه الاتفاقية غير الملزمة ، والتي تمنح للمقاول والشركة الأجنبية نفس مزايا الشركات المحلية بمعنى أن اي عطاء حكومي سوف يكون مفتوحا للشركات العالمية بالضرورة وهذا ما سيعني تراجعا في المساهمة الرسمية في دعم قطاع المقاولات والشركات الاستشارية المحلية وتركيز معظم العطاءات على الشركات الدولية ، أو كما يشرحها الكاتب "الذي سيحصل أن العطاءات الرسمية كانت قبل سنوات تمنح للمقاول الأردني هامش سعري تفضيلي يبلغ %15 ثم خفض نتيجة لضغوط دولين من دول مانحة الى %10 والآن ستتم ازالة الهامش كليا لينافس المقاول الأردني الذي لا يتلقى الدعم من أي مصدر (بعكس المقاولين الأجانب الذين يفوقونه حجما ويتمتعون بالدعم من دولهم) وستذهب أموال الضرائب التي دفعها هو وشركته وموظفوه لصالح مقاولين لا صلة لهم بالأردن" هذا التوجه المثير للقلق نراه حاليا حتى بدون التوقيع على تلك الاتفاقية ، فوزارة الاتصالات وبعد أن فرغت من "اعداد" قانون جرائم أنظمة المعلومات بجهد محلي ووطني صرف ، تعلن الآن عن عطاء دولي لاستقطاب شركات استشارية لاعداد قانون الاتصالات ، ولا نعرف ما هو سبب الاستعانة بالشركات الدولية في بلد يتميز - على الأقل هذا ما نحن مطالبون بتصديقه - بأنه مركز اقليمي للكفاءات والمعرفة في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وهذا ما يطرح مفارقة غريبة ، فالقانون المقيد للمعلومات يتم اعداده بطريقه "صنع في الأردن" وبدون الاستعانة بالخبرات وأفضل الممارسات الدولية ، والقانون الذي ينظم الاتصالات يحتاج الى خبرات أجنبية.
بعض الدول وخاصة في آسيا وأميركا اللاتينية وضعت بندا واضحا في برامج التحفيز الاقتصادي التي أعلنتها عقب الأزمة المالية العالمية ينص على تحديد نسب ما بين 50و70% مخصصة للشركات والمقاولين المحليين في كافة العطاءات الحكومية وذلك تحفيزا للحركة المالية في السوق المحلي ، ولكن ما سيحدث في اتفاقية المشتريات الرسمية هو العكس تماما وهذا ما يجعل من الصعب تفهم المبررات والأسباب وراء ذلك. ويلاحظ الكاتب أيضا في مقاله أن معظم الدول التي تم تسجيل مخالفات عليها لبنود اتفاقية منظمة التجارة العالمية هي الدول المتقدمة صناعيا وخاصة الولايات المتحدة ولهذا فان مبرر أن "الأردن يلتزم بالاتفاقيات الدولية" ليس مقنعا ، فهذه الاتفاقية ليست ملزمة ويمكن للأردن أن يسجل مخالفة واحدة في سجله الناصع في منظمة التجارة الدولية لمصلحة الاقتصاد الوطني الذي يمر بمرحلة صعبة جدا.
في الأردن كفاءات علمية وفنية وهندسية نفتخر بها وهي أفضل من غالبية الكفاءات التي تتم الاستعانة بها من الخارج ، والسياسة الاقتصادية الحكيمة هي التي تحاول تعزيز قدرة هذه الكفاءات وتنافسيتها ومنحها فرص النجاح وليس التضييق عليها من خلال فتح باب منافسة غير عادلة مع الشركات الدولية في كل العطاءات الحكومية.