المرأة سلعة تسويقية في اعمال رمضان الدرامية
وليد شنيكات
10-04-2022 03:21 AM
لا مبالغة في القول ان الإعلام نجح الى حد كبير في تحويل المرأة الى سلعة تسويقية في الاعمال الدرامية التي تعرض خلال شهر رمضان. عديدة هي المسلسلات التي تتاجر بالمرأة وتتخذها وسيلة لتحقيق الجماهيرية وتتسابق عليها القنوات الفضائية لجلب مزيد من الاعلانات التجارية وهو ما ينال من صورتها الحقيقية بشكل سافر.
للإسف، هذه المشهدية المؤلمة لعبت فيها المرأة دورا كبيرا متماهية مع الصورة السلبية التي صورها بها الإعلام وأظهرها بمظهر المرأة العصرية خاصة فيما يتم عرضه من مسلسلات واعمال درامية بقطع النظر عن التأثير الذي تتركه على صورة المرأة ودورها في المجتمع. وهي هنا تسعى وراء الشهرة السريعة التي لا تتحقق الا بقبول الادوار الساخنة والمشاهد الإيحائية التي تشترطها شركات الانتاج.
معظم الأعمال التلفزيونية اليوم فقدت رونقها وسحرها، فمسلسلات "الزمن الجميل" التي كانت الأسرة بأكملها تلتف حولها وتشعر بالمتعة وهي تشاهدها غابت ولم يعد لها وجود، وكانت تقدم رسالة وتخدم قضية وهادفة في معظم جوانبها، غير ان ما يعرض حاليا على الشاشات أعمال استعراضية تحرك الغرائز فقط وطغت عليها النزعة التجارية وذهاب المنتجين الى الأعمال الرخيصة، و"البياعة" لتحقيق الربح السريع في تسطيح واضح للمشروع الفني والبحث عن كل ما هو شهواني، يخطف الابصار ليس أكثر. فكم من أدوار كانت فيها المرأة تاجرة مخدرات أو فتاة ليل أو مدمنة وبعض هذا النوع من الدراما قدمتها مخرجات شهيرات أي أن المرأة ساهمت في ظلم نفسها بنفسها.
تتسابق شركات الانتاج كل عام على تقديم أضخم الأعمال الدرامية المتميزة، لكن "تميزها" للأسف كان بمستوى" انحدارها" والغاية ارضاء المشاهد وتحقيق الأرباح مهما كانت النتائج، وهذا يحدث وسط غياب شبه مقصود من هيئات الرقابة في بعض البلدان.
في سنوات ماضية كانت اعمال تلفزيونية مثل "حريم السلطان"، و"باب الحارة" و "الحرملك" وغيرها الكثير محل نقد من الجمهور، غير انها مقارنة مع ما يعرض اليوم على الشاشات "رحمة" فلا تكاد تميز بين الفيلم والمسلسل بسبب المشاهد المؤذية التي لا تتناسب مع اخلاق وقيم المجتمعات العربية.
أتحفتنا الفضائيات في هذا "الشهر الفضيل" بمسلسلات ما زالت تثير جدلا بين أوساط الناس جراء "الجرأة" في العرض والمحتوى الذي تجاهل القيم والاخلاق العربية، وتتناول قضايا حساسة يرفضها المجتمع مثل زنا المحارم.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي تونس أيضا تناولت أعمال فنية قضية الزواج العرفي وهو ما قوبل بسخط واسع في أوساط التونسيين، وفي الكويت كذلك أشعل مسلسل يؤشر الى نشر مظاهر غير اخلاقية مثل طلب أحد أبطال العمل من زوجته ارتداء البكيني امام اصدقائه على يخت خاص بهما.. وكذلك ما اعتبر اهانة للمرأة من خلال مشهد الراقصة التي تتقرب من رجل اعمال بجسدها طمعا في ماله.
وفي الأردن، لا زالت قنوات تتكفل بهذا الموضوع فكثير من المسلسلات التي تعرض تحتوي على مشاهد لا تناسب المشاهد الاردني، وخاصة الاعمال القادمة من لبنان وسوريا وهي بالاساس تعتمد على الصورة اكثر من القصة، ومحاولة لاستدراج المشاهد بأي طريقة.
لا زالت المرأة المادة الاساسية في الاعمال الدرامية، حتى في مسلسلات الرعب تجدها حاضرة بجسدها، فهي "النكهة" التي لا تعوض ولا تحلو المشاهدة الا بها، وقد حرصت أعمال فنية أيضا على تقديمها كزوجة وأم، تهتم بالطبخ ووصف الاكلات المنوعة، وحينما ظهرت الى جانب الرجل على قدم المساواة تم تقديمها بوصفها الضحية التي يتم التحرش بها في أماكن العمل، في استدعاء مهين لفكرة المرأة "الأقل حظا".
هذه الأدوار وغيرها للمرأة في المسلسلات كانت وستبقى محل جدل في الوسط الثقافي والشعبي بسبب الاستغراق المقصود في الشهوانية والاستعراض المبتذل الذي يهين صورة المرأة ويقدمها وكأنها كائن زائد عن الحاجة ويدخلها في إطار "المرأة الحرمة" ليس أكثر.
الأمر المستغرب هنا هو الغياب اللافت للاصوات النسائية المدافعة عن قضايا المرأة، باستثناء ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد شهدنا في سنوات سابقة أنشطة قوية للحركات النسائية وفي قضايا قد تعتبر هامشية مقارنة مع ما نشاهده اليوم على القنوات الفضائية.