ماذا تجدي الكتابة في مكان يكاد يقتله البؤس و يخنقه الفقر و يلعب في مصيره هواة السياسة و رجال البزنس ، مكان يأتي جريحا في الحلم و يصد عن الحقيقة المرة ويظهر ويختفي يقترب و ينأى ، يتمدد في حدود الجغرافيا و يختصر في الاسماء .
يتألق في مظاهر الروعة و يتكامل في الدمار و الخراب و نهيق الغربان وطن يتنفس تحت الماء ترتع فيه الافاعي و الثعابين و الذئاب و الكائنات المفترسة جنبا الى جنب مع كائنات اللغة و الريشة و القلم و الابداع .
أليس هذا هو سؤال مشروع في جدوى الكتابة الذي يؤرقني و اعيش عليلا بسببه حتى طغى مفهوم القلق الوجودي علي حياتي الشخصية و انهكني المرض وهو السؤال ذاته الذي لا شك أنه يواجهه كل اردني يحاول خوض تجربة " الفعل " في الكتابة ، حينما يجد أن الجواب سيكون مريعا ومدمرا و منفجرا .
لان أي كاتب أو ممارس للكتابة لا يملك مصيره بيده حيال ذلك الهدر المريع الذي تجسده الكتابة وتترك فعلها على الروح والجسد وحيال ذلك كله لا يمكن ان تكون الكتابة سوى لعبة تشبه الى حد كبير لعبة المرايا المحدبة لا نها تصنع وطنا مرئيا في اللغة مقابل وطنا مرئي في الواقع .
وتأتي الافكار من خلالها محملة بايدولوجيا الهوية و الوطن والفقر و البؤس و المعاناة ، وكل تفاصيل التهميش و التقزيم ، لتبعثر في اناشيدها عبر مسارب النصوص المستقرة الفاضحة تعري الاحداث و تثبت المواقف و تنشد الحلول الانسانية الملائمة وتؤسس لعالم يدين بالقيم و الاخلاق و الايمان و حب الاوطان .