دبلوماسية الظل والمزيد من الأزمات
هاشم الحديد
07-04-2022 11:10 AM
لا يخفى على أحد أن تصدر الأزمة الروسية - الأوكرانية واقع الأحداث في يومنا هذا يسوده الآن نوع من ما يعرف بدبلوماسية الظل، تقودها عدد من الدول وأصحاب النفوذ السياسي والاقتصادي وهي تعمل جاهدة على تقريب وجهات النظر والحيلولة دون وقوع المزيد من الأزمات. إن هذه الدبلوماسية بمجملها تنشأ اعتماداً على توثيق العلاقات بين الأطراف سواء كانت دول أو حتى أصحاب رؤوس أموال معتمدة على شبكة استراتيجية من النفوذ الاجتماعي والاقتصادي ومن الممكن أن تدخل فيها الأيديولوجيا أيضاً والتي تصب في جلّ عملها على المصالح المتبادلة لكافة الأطراف.
يمكنني القول أن مساعي هذه الدبلوماسية اليوم تواجه صعوبات وتحديات كبيرة، أهمها أن أطراف النزاع كلما باتوا على مشارف التوصل لأي اتفاق أو المضي في سير المفاوضات، تظهر نوايا دبلوماسية أخرى على الملأ تبدد هذه المساعي، وأقصد هنا مباشرة ما قامت به ألمانيا وفرنسا ومجموعة من الدول الأوروبية بطرد عدد كبير من الدبلوماسيين الروس والذين أوضحوا أن طردهم للدبلوماسيين جاء كرد فعل على ما حصل في مدينة بوتشا الأوكرانية من قبل الجانب الروسي بحسب وصفهم، وهو ما يمثل المزيد من تدهور العلاقات بين الغرب و موسكو، أضف إلى ذلك أن رد موسكو على هذا وفق ديميتري ميدفيدف نائب رئيس مجلس الأمن الروسي " الكل يعرف الرد: سيكون بنفس القوة ومدمراً للعلاقات الثنائية. من عساهم معاقبين؟ أولاً وقبل كل شيء.. أنفسهم".
يمكنني القول أن ما يحصل الآن هو بداية لمنحنى ومستوى جديد غير معهود من العلاقات الروسية مع الغرب والولايات المتحدة، مرحلة لا يمكن التنبؤ بها، لكنها مرحلة ستحمل المواجهة بكل تأكيد، ستنتظر فيها روسيا ما ستؤول إليه الأمور ربما من خلال تغيير في النخب عند الغرب و الولايات المتحدة من جهة، أو أن روسيا ستكون أولوية مرصودة لدى الغرب والولايات المتحدة لفرض العقوبات الاقتصادية عليها بكل ثقة كلما اتيحت لها الفرصة لذلك.
قبل عدة أيام، المفكر والفيلسوف الروسي الكسندر دوغين والذي يصفه الغرب بأنه "عقل بوتين" قال في لقاء صحفي أجري معه “ليس هناك إمكانية للحلول الوسط في هذه الحرب، فروسيا إما ان تنتصر أو تزول، ومن دونها ليست هناك بشرية، وإذا أرادت أي دولة أن تعيش بسلام على هذه الأرض فيجب عليها أن تقبل بوجود روسيا العظيمة ذات السياسة المستقلة”.
إن حلقة الصراع الروسي مع الغرب والولايات المتحدة باتت في وضع لا يحسد عليه وحلقة التنافس الجيوسياسي باتت واضحة أمام الجميع، فهل يمكن لدبلوماسية الظل أن تحد من تهديد أوجه الصراع بين هذه القوى على المدى القريب؟ أم أن الحرب المفتوحة عسكريا بين القوى العظمى باتت على الأبواب؟
* باحث بجامعة الصداقة-موسكو