تعتبر الزراعة في جميع الدول ركيزة أساسية للتنمية ببعدٌها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فهي تسهم في معالجة قضايا الفقر والبطالة، وهي أحد القطاعات الجاذبة لعمل المرأة، حيث يتميز هذا القطاع باستقطاب النساء للعمل في الإنتاج الزراعي وبالمهن الأخرى المرتبطة به، ويزداد الاهتمام بهذا القطاع في هذه المرحلة في ظل ضعف النمو الاقتصادي الوطني والحاجة لتوفير الأمن الغذائي، حيث بدأت وزارة الزراعة تستعيد دورها الريادي من خلال البدء بتنفيذ الخطة الوطنية للزراعة المستدامة للأعوام 2022-2025، والمتضمنة تنفيذ ست أولويات وتتوزع على 73 مبادرة بكلفة إجمالية تصل إلى 389 مليون دينار، وأعتمد تنفيذ الخطة على أسس اقتصادية من خلال جدول زمني محدد وتوفير تمويل للمشاريع المنفذه، واشراك القطاع الخاص والمصانع للمساهمة في تسخير جميع الامكانيات لرفع كفاءة القطاع الزراعي، وخلق فرص العمل بين الشباب والتي ستنعكس على الاقتصاد الاردني بشكل ايجابي.
يمكن القول أن الاعــتــراف بقيمة المياه وقياسها والتعبير عنها، وإدماجها في عملية اتخاذ القرار، أمر أساسي لتحقيق الإدارة المستدامة، وتأتي اهمية القطاع الصناعي على قدرته برفد الزراعة بملاين الامتار من المياه المعالجة والتي تصلح للاستخدامات الزراعية حسب تصنيفاتها سواء اغذية او حرجية مما يسهم باستعادة الغابات في الأردن باستخدام الصرف الصحي للمحطات في المصانع وبالتالي الاستفادة المثلى لمرافق إعادة تدوير المياه واستخدام أنابيب من أجل تزويد المياه الصالحة لزراعة الأشجار، حيث تساعد المياه المعاد تدويرها من خلال هذا المشروع على التخفيف من استنفاذ المياه الجوفية في الأردن وتوسيع الرقعة الخضراء ولما لهذا التوجه من اثر على العمالة المحلية والقيمة الاقتصادية والبيئية، وتساهم أيضا في منع الاحتباس الحراري وتقليل انبعاثات الكربون.
لواء القطرانة يعد موقعا نموذجيا لمشاريع زراعية عملاقة من خلال توفر الاراضي الصالحة للزراعة والعمالة المدربة وسهولة رفدها بالمياه سواء من الحصاد المائي او المياه المعالجة والمتوفره بالعديد من المنشأت الصناعية (شركة الوطنية للدواجن، شركة كهرباء القطرانة، مصنع أسمنت القطرانة، الفوسفات، وغيرها في المناطق المحيطة مثل مجمع المناصير الصناعي)، وبالتالي سيكون مشروع غابة القطرانة التي تقدر مساحتها بـ١٨٥٠ دونمًا على الطريق الصحراوي، والمشتل الزراعي باكورة الثورة الزراعية في موقع استرتيجي، ممكن ان يتطور ليكون اهم مصادر الامن الغذائي في المملكة والمنطقة.
عدة عوامل أدت الى تراجع القطاع الزراعي بشكل ملموس خلال العقود الخمسة الماضية وانخفضت مساهمته في الناتج المحلي، بعد ما كان نصيب الزراعـة 14 % من الناتـج المحلـي الإجمالي عـام 1974م تراجع الى 5% في عام 2021، وقد جاء هذا التراجع بسبب الانخفاض في إنتاج الحبوب والمحاصيل الحقلية، فالتحديات الزراعية كبيرة، ولكن التعاون المشترك بين جميع المؤسسات في القطاع العام والخاص ستسهم في تخفيض كلف الإنتاج (مدخلات الإنتاج، الطاقة، العمالة، الأعلاف، الأسمدة والمبيدات والبذور)، كذلك دعم المشاريع الرياديّة والابتكارية في مجال تكنولوجيا المياه والزراعة، وتدريب المزارعين على الأساليب والتكنولوجيا الحديثة، وإعادة توجيه الدعم والحوافز للمشاريع الزراعية ستؤدي لتحسين نوعية المنتج الزراعي وانعكاسه على المنافسة وتحقيق ارباح أعلى للمنتج الزراعي وفق المعايير العالمية.
القطاع الزراعي قطاع حيوي وهناك تداخلات واسعة مع كل القطاعات الحيوية من نقل وتكنولوجيا معلومات وعمالة واستيراد وتصدير، فالفرص المتاحة امام القطاع الزراعي من خلال تطوير منظومة الامن الغذائي وسلاسل القيمة للمنتجات الزراعية والغذائية تشير الى امكانية زيادة الإنتاج الزراعي بنسبة 30-50٪ كما انه يمكن استحداث وإضافة 30-40 الف وظيفة من خلال زيادة كفاءة القطاع وتقديم حوافز للقطاع الخاص بالتوسع في الصناعات الزراعية وإطلاق منصات للتسويق والبيع للصادرات تشمل أماكن للتدريج والتعليب والتغليف والتخزين والتبريد.