شهدت كافة أطراف صناعة السياحة على المستوى الدولي في الآونة الأخيرة وما رافقها من تأثيرات جائحة الكورونا عدداً كبيراً من التغيرات المتسارعة في الإعلام السياحي ، مما يشكل تحدياً جوهرياً أمام صناع وإدارات القطاع السياحي؛ لعدم القدرة على مواكبة كافة التغيرات في عناصر صناعة السياحة والفندقة الحديثة، وعدم قدرة مشغلي القطاع السياحي على مواكبة التقنيات المتلاحقة والمتسارعة في صناعة تكنولوجيا الإعلام السياحي ، مما يؤدي إلى ضعف تنافسية القطاع السياحي ، إلى جانب عوامل أخرى متمثلة بضعف تأهيل الموارد البشرية العاملة في قطاع السياحة الرقمية خاصة في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام السياحي .

يتميز القرن الحالي بظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي Artifical Tourism intelligence وتطبيقاتها في القطاع السياحي بكافة عناصر منظومة قطاعات السياحة والضيافة والطيران، حيث أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي لها دور مهم على المستوى الدولي في صناعة الإعلام السياحي ، واستناداً على هذه المعطيات يتبين لنا مدى أهمية تطبيقات تقنيات الذكاء الاصطناعي في قيادة صناعة السياحة والضيافة والطيران على المستوى الدولي خلال العقد القادم، مما يتطلب الاستعداد التام لتطوير كافة أطراف صناعة السياحة بما يتواءم ويواكب معطيات العصر الحاضر وخاصة في مجال تأهيل قيادات الصف الأول في اكسابهم المهارات القيادية والسلوكية والفنية والتي تتماشى مع تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة السياحة الحديثة، حيث

تتعدد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإعلام السياحي ، ومن أبرز التطبيقات في هذا المجال، والتي تتمثل في محاكاة Simulation المواقع الأثرية والتراثية بصورة شمولية رقمية متكاملة، تسهم في زيادة التنمية والتطوير المستدام لهذه المواقع، وتوفير منصات رقمية مثلى في التعرف على الموقع السياحي الكترونيا؛ بهدف الوصول إلى الاستدامة في عمليات التسويق و الإدارة والتطوير المثلى. ويسهم الذكاء الاصطناعي في توفير الدليل السياحي الذكي بشكل أوسع، من خلال إيجاد منصات التسويق السياحي الرقمي حيث يترافق كل ذلك مع توقعات بأن يتمكّن الذكاء الاصطناعي بأن يستحوذ على 90% من إجمالي التسويق السياحي الرقمي عالميا بحلول العام 2030. مما يستوجب العمل فوراً على اعداد الموارد البشرية القادرة على التعامل مع هذه التقنيات المستحدثة وتوفير كافة متطلبات الاستثمار التقني والمهني في معطيات الذكاء الاصطناعي لدى القائمين على الإعلام السياحي

يمتلك الذكاء الاصطناعي في الإعلام السياحي قدرة هائلة على التفاعل الفوري مع البيانات وربطها بالمواقع التراثية والأثرية ، حيث إن التعرف على بيئة المواقع السياحية باستخدام الوسائل الإعلامية التقليدية لم تعد مقبولة في الوقت الحالي والتي تتميز بمحدودية الامكانيات التي يمكن تزويدها للسائح والمكاتب السياحية بشكل يتميز بالشمول والخيارات المتعددة المتاحة من خلال تقنيات متعددة في ايصال رسالة الإعلام السياحي الجديدة

- تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام السياحي بمحاربة المنصات الرقمية المزيفة: ويستطيع الذكاء الاصطناعي في هذا الصدد توفير أدوات لمساعدة العاملين في مجال الإعلام السياحي على تحديد المواقع الزائفة، ومن هذه البرامج Bot Slayer وهو برنامج مفتوح المصدر ومتاح للسياح يعمل على مسح وكشف حسابات تويتر الوهمية

مع تنامي دخول تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام السياحي وغيرها من المجالات الإبداعية في صناعة السياحة الرقمية، ورغم المزايا العديدة التي يقدمها في هذا المجال، فإنه مازال في المراحل الأولى في الوطن العربي وشمال أفريقيا ولم يصل إلى مرحلة النضج المطلوبة بسبب محدودية البيانات الرقمية التي تتناول المواقع السياحية ضمن قواعد بيانات متاحة

تعتمد تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام السياحي على عمليات المحاكاة والنمذجة الرقمية بصورة مباشرة في إدارة المواقع الأثرية والتراثية إضافة إلى التقنيات المتلاحقة في صناعة المتاحف الرقمية، حيث أصبحت العديد منها تعتمد هذه التقنيات؛ بهدف زيادة فرص العرض وتنويع المنتج السياحي، والحصول على حصة سوقية أكبر في الخارطة السياحية العالمية، مما اكسبها العديد من المزايا النسبية والتنافسية في صناعة السياحة الحديثة المعتمدة على تقنيات النمذجة والنظارات المعتمدة على الواقع الافتراضي وكتيبات الإرشاد السياحي الرقمية متعددة اللغات وبصمة العين والصورة وغيرها من الوسائل والأدوات الرقمية المتعددة و المعتمدة على تقنيات الذكاء الاصطناعي والتي أصبحت أساسية في صناعة السياحة والضيافة والطيران الحديثة ولا يقتصر الأمر على المنشآت السياحية الكبيرة وإنما يمتد هذا إلى المنشآت السياحية المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، مما يسهم في تحقيق وفورات اقتصادية كبيرة إلى جانب القدرة على التخلص من مشكلات سلاسل القيمة وتحقيق قيمة مضافة عالية، وتفعيل منظومة التشبيك.

إشارة إلى ما سبق يجب علينا في الأردن والوطن العربي أن نستعد للمستقبل في كافة أطراف صناعة السياحة خاصة أن التقارير الدولية تشير فعليا إلى أن خطوات دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام السياحي متواضع وخجول لا يرقى إلى حجم المقومات الهائلة من الناحية الحضارية والطبيعية المتوفرة في الأردن والوطن العربي مما يشير إلى أهمية تغيير كافة الإستراتيجيات التنموية الخاصة بصناعة الإعلام السياحي بتطوير المواقع السياحية والموارد البشرية المعتمدة في بشكل جدي يسهم في دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في خططها التنموية بهدف اللحاق في ركب الاتجاهات المعاصرة في صناعة السياحة حيث انه منذُ عام 2020، بدأ دور الذكاء الاصطناعي يتزايد بشكل ملحوظ في مجال الإعلام السباحي، حيث تم استعمال الروبوت الإعلامي السياحي الناطق والذي بدوره يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي مما أسهم في صناعة وإنشاء المحتوى من خلال العديد من المنصات الرقمية مثل فيسبوك، وإنستغرام، وغيرها. وازدادت أهمية الذكاء الاصطناعي في تحرير كافة القائمين على عمليات التسويق السياحي من بذل الكثير من الجهود لأداء المهام اليومية

أيضًا في المستقبل القريب فإن تقنيات الذكاء الاصطناعي في الإعلام السياحي ستكون قائمة على الخوارزمية حيث تكون البيانات فيها متاحة للسياح بسهولة إضافة انه بإمكان تقنيات الذكاء الاصطناعي تنفيذ العديد من الإجراءات المعقدة بناءً على الكميات الهائلة من البيانات، إضافة إلى توسيع التغطية الإعلامية في بعض المواقع السياحية التي لا يستطيع يصعب الوصول إليها كمناطق، بالإضافة إلى تحسين جودة التغطية الإخبارية والوصول إلى مواقع سياحية كان من المستحيل الوصول إليها سابقاً وهذا من الاتجاهات المعاصرة التي ظهرت بعد تأثيرات جائحة كورونا.

بإمكان تقنيات الذكاء الاصطناعي العمل على تزويد السياح بالمحتوى والمعلومات السياحية حسب الاهتمامات والتفضيلات، وهذا يتم استنادًا لخوارزمية البحث.

بإمكان أنظمة الذكاء الاصطناعي مساعدة المنشآت السياحية و الفندقية المعتمدة على تقنيات الإعلام الرقمي بمضاعفة ارباحها وتحقيق الوفورات الاقتصادية؛ وذلك من خلال قدرتها على تمييز السائح والمكاتب السياحية وقدرته على التسجيل في اشتراك مدفوع شهريًا أو سنويًا على منصتها الإلكترونية وإشعاره بإعلانات صممت خصيصًا لاهتماماته من أجل الدفع والاشتراك مجددًا.

يتضح لنا مما سبق أهمية انتهاج سياسات إعلامية في تسويق منتجات السياحة تستند على تقنيات الذكاء الاصطناعي مما يستوجب البدء فورا باستحداث وحدات خاصة في وزارة السياحة والعمل على تأهيل الأيدي العاملة والبنية التكنولوجية بهدف الاستمرارية َالديمومة في تطوير القطاع السياحي

* عميد كلية السياحة والفندقة في الجامعة الأردنية