مقاطعة الانتخابات ماضية بفعل تعدد بؤر النفوذ
عمر عياصرة
18-08-2010 05:21 AM
الحركة الإسلامية حين اتخذت قرارها (المجمع عليه) بمقاطعة الانتخابات النيابية القادمة لم تجعل من قرارها حالة قطعية لا تحتمل المراجعة، بل على العكس من ذلك، تركت الحركة باب المقاطعة مواربا، ووضعت للعودة شروطا تخدم بمجموعها مشروع الإصلاح السياسي المتعثر أردنيا.
الحكومة بدورها، علمت وتعلم أن مقاطعة الانتخابات من قبل الحزب الأكبر في الساحة الأردنية، سيكون له مردود سلبي يضعف من شرعية الانتخابات، وينزع عن المجلس القادم كل مبررات تفوقه عن المجلس المنحل السابق.
هذه القراءة أشاعت توقعات على أوسع نطاق عن احتمال دخول الحركة الإسلامية من جانب وحكومة الرفاعي من جانب آخر في حوارات تهدف إلى تفكيك خطاب كل من الطرفين، ومن ثم الوصول لقاسم مشترك مقنع يعيد الحركة الإسلامية للانتخابات، ويجعل لعجلة الإصلاح السياسي محركات جديدة تسير بها للأمام خطوات أخرى.
كلا الطرفين (الحركة والحكومة) حرصا أشد الحرص على تجنب الظهور أمام الرأي العام بمظهر المتعنت الرافض للحوار، لكن الأمانة والواقع، يعطيان الحركة الإسلامية السبق في المرونة وقبول التعاطي مع الحوار وعدم التردد في ذلك، وفي هذا الجانب ظهرت الحركة الإسلامية كتلةً مجمعةً على إبقاء الباب مفتوحا.
أما الحكومة فالأمر عندها مختلف، فقد بدت مترددة تتنازعها بؤر نفوذ مختلفة في اتجاهاتها وموقفها من الحوار، ففريق منها تفهم سلبيات المقاطعة وطالب بالحوار وإعادة الحركة للانتخابات، وفريق آخر اعتقد أن الحوار مع الإسلاميين سيخصم من نفوذ الحكومة وسيزيد من الشعبية العامة للحركة، فقام برفضه.
المتبدي لنا أن (فريق رفض الحوار) في الحكومة هو الأعلى صوتا في هذه القضية حتى الآن، وهؤلاء الرافضون للحوار معنيون أيضا بوقف وعرقلة مسيرة الإصلاح السياسي ما دام الإسلاميون مستفيدين من عجلتها.
الصورة السابقة المتمثلة بمسؤولية الحكومة عن رفض الحوار مع الحركة الإسلامية بشأن مقاطعة الانتخابات، قد لا تكون نهائية جدا.
فهناك معلومات عن تذمر وتساؤل غربي (السفارات في عمان) عن أسباب ومخاطر غياب الحركة الإسلامية الأردنية عن الانتخابات، والمعلوم أن الحكومات في بلادنا تصغي لملاحظات الخارج بطرب ورهبة، أما الداخل فلا بواكي له.
على كل حال، الوضع الظرفي الذي نواجهه اليوم، يحتاج من الحركة وعيا نوعيا مركزا، فالمشاركة والمقاطعة، أيا كان القرار، فهو يحتاج لقراءة تحيط بها المزالق الذاتية والموضوعية على السواء، ولعل في طريقة اتخاذ القرار الديمقراطية ما يجعلنا نلح على سلوك ذات السبيل في حال تقرر تغيير الموقف.
السبيل