الاردن في التقارير الدولية .. خطوة للامام وخطوتان للوراء
سلامه الدرعاوي
18-08-2010 03:53 AM
تقارير التنمية الاخيرة التي اشارت بوضوح الى هبوط مرتبة الاردن في 14 تقريرا دوليا هو نتاج طبيعي للسياسات التي اتبعت في السنوات الماضية والتي ادت الى ما نحن فيه من انتكاسة في عملية التنمية.
الحكومة التي تحصد اليوم ما زرعته الحكومات السابقة تواجه معضلة تنموية حقيقية بسبب مواصلة نفس السياسات السابقة في التركيز التنموي على قطاعات لا تولد قيمة مضافة عالية على الاقتصاد وابتعادها عن الاصلاح الحقيقي سواء اكان اقتصاديا ام اجتماعيا.
ليس امام الحكومة سوى الاطلاع فقط على التقارير الدولية التي صدرت قبل ايام قليلة والتي اظهرت تراجعا في العديد من مؤشرات المملكة في الميادين الاقتصادية والتنموية, من ابرزها : ممارسة الأعمال وتنافسية الاردن وتنافسية القطاع السياحي وتمكين التجارة والكفاءة الحكومية وكفاءة الأعمال والبنية التحتية والنوع الاجتماعي والتنمية البشرية.
تراجع مرتبة الاردن في التقارير الدولية يدلل على ان سفينة التنمية تسير للوراء, عكس الخطابات الرسمية التي كانت تتحدث دائما عن عدالة التنمية والاهتمام في بناء الطبقة الوسطى, وسلامة الاجراءات الحكومية وتعزيز بيئة الاستثمار, ورغم اننا ملأنا الدنيا واقعدناها في فترة من الفترات ونحن نتحدث عن الانجازات, تأتي النتيجة بان هناك انتكاسة كبيرة في العملية التنموية التي احدثنا ثورة من التشريعات المؤقتة لتعزيزها لنصاب بخيبة النتائج متزامنة مع نكسة ايضا اصابت الخطاب الرسمي, وقد يفسر صمت الحكومة عن الحديث عن انجازاتها في هذا الشان, كي لا تصطدم بالواقع التنموي المرير الذي ورثته من الحكومات السابقة.
ما اظهرته التقارير التنموية الدولية هو دليل واضح على ان عملية الاصلاح الاقتصادي في الاردن شهدت خلال السنوات القليلة الماضية ضربة موجعة ادت الى تأخير الانجاز التنموي ما انعكس سلبا على صورة المملكة امام المانحين والمؤسسات العالمية.
لقد فشلت السياسة الحكومية في الحفاظ على الزخم الاصلاحي الذي دفع جلالة الملك بقوة الى تحقيقه وصولا الى مفهوم التنمية المستدامة, وكانت هذه النتيجة متوقعة بسبب طبيعة التعامل الحكومي مع تلك الاصلاحات والتي شكلت قيودا واضحة على استمراريته.
جزء كبير من عملية الاصلاح الاقتصادي التي اتبعت في الآونة الاخيرة كان بمثابة عملية انتقائية هدفها مواجهة بعض الضغوطات المطالبة بالاصلاح السياسي والاجتماعي, لذلك نجد ان الحكومات وفي هذا الصدد على سبيل المثال خصخصت العديد من المنشآت الاقتصادية الكبرى من دون ان تكون لها استراتيجية واضحة في كيفية التعامل مع عوائد التخاصية, اضافة الى ان الاشخاص الذين ينفذون سياسات الاصلاح باتوا غير مؤثرين او مقنعين لدى الشريحة الاوسع في المجتمع الذي ينظر اليهم على انهم مختصون فقط في اتخاذ القرارات القاسية المتعلق معظمها بزيادة الاسعار.
عملية الاصلاح في المملكة افتقدت الى الاجماع او المشاركة الحقيقية من مؤسسات الدولة خاصة الدستورية منها, وقد نظر المجتمع الى تلك الاصلاحات على اعتبار انها اجندات خاصة بطبقة نخبوية في المجتمع باتت هي المشرع والمنفذ الخفي للسياسات الاقتصادية تخفي وراءها حزمة كبيرة من المصالح الخاصة التي تسعى الى تحقيقها, كما حصل في موضوع الاجندة الوطنية الذي ساهمت آلية اخراجها بفشلها رغم ما تضمنته من رؤية تنموية تكاد تكون الاكثر وضوحا لما نريد ان نحققه خلال السنوات العشر المقبلة.
إلا ان العقبة الرئيسية التي ساهمت في فشل الحفاظ على زخم الاصلاح هي فقدان الحكومة ومؤسساتها الى آلية واضحة لتقييم تلك البرامج التنموية وتعزيز مبدأ المساءلة في حال الاخفاق, لذا باتت هذه البرامج كمن يفعل ما يريد من دون حسيب او رقيب, ما اضعف مصداقية تلك البرامج لدى الشارع العام, لا بل سمح ذلك الاسلوب في طرح البرامج في ان تكون مادة خصبة للصالونات السياسية التي سرعان ما كانت تطلق الاشاعات حول تلك البرامج.
العرب اليوم
salamah.darawi@gmail.com