التضليل الأعلامي - مدرسة غربية
د.حسام العتوم
05-04-2022 10:04 AM
الحدث الأوكراني ، و اقصد ) الحرب وسط أوكرانيا ، بمعنى العملية العسكرية الروسية الخاصة التي انطلقت بتاريخ 24 شباط المنصرم من هذا العام 2022 )محتاج للحقيقة فقط ، و لما وراء الحقيقة بطريقة إستقصائية صحفية و إعلامية تكشف المستور للرأي العام خاصة الواقع منه تحت التضليل الاعلامي الذي تقوده المدرسة الغربية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بوضوح ،و بهدف تحقيق نجاحات سريعة في مجال الحرب الباردة و سباق التسلح ، المنطلقة من جانبهم الغربي المشترك نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 ، رغم إشتراك أمريكا الى جانب الخندق السوفيتي وقتها من أجل دحر النازية الهتلرية ، وهنا انا اتحدث بموضوعية يفتقر الغرب لإنتاج مثلها عندما يقترب من أزمات العالم الساخنة ، فما بالكم الدموية الأوكرانية التي بدأ حتى العرب يقتربون من أطرافها الأساسية لفهم مضمونها ، ومخارجها و حلولها تبقى بيد من يحمل مفاتيحا مثل و( اشنطن ) قبل " كييف " ، و موسكو بطبيعة الحال التي أعلنت عن حملتها العسكرية المستمرة أكثر من شهر مضى كخطوة دفاعية حفاظا على سيادتها و أمنها القومي ، وهي ليست هجومية أو إحتلالية كما يشاع إعلاميا ، و ستبقى نظيفة لا تستهدف المدنيين الأوكران أشقاء الروس في اطار العائلة السلافية الواحدة ، و كذلك السوفيتية عبر تاريخ مجاعة ثلاثينيات و اربعينيات القرن الماضي ، و النصر الكاسح على أودولف هتلر .
ليست روسيا الأتحادية هي من حركت الجمر من تحت الرمال الأوكرانية في ميادينها ، و انقلابها عام 2014 ، و إنما أمريكا و جهازها اللوجستي و أجهزة الغرب المماثلة بالتعاون مع الغرب السياسي الذي يعمل برأسين ( أمريكي و بريطاني ) ، و موسكو هي من دعت لحوار " اتفاقية مينسك عام 2015 " التي تسمى بجلسات " النورمندي " بمشاركة بيلاروسيا ، و المانيا ، و فرنسا ، و أمريكا " و اشنطن " وأفشلت الأتفاقية عبر هاتفها الساخن مع " كييف – زيلينسكي " ، و انسجام أمريكي – بريطاني و اضح مع النخبة السياسية الأوكرانية الجديدة المحسوبة على التيار " البنديري " القادمة جذوره من أتون الجناح الهتلري في الحرب العالمية الثانية سابقة الذكر هنا ، و الهدف ليس إنقاذ أوكرانيا و المحافظة على استقلالها ، وإنما الحفر تحت رمالها بقصد الأنقضاض مبكرا وقتها على سيادة الدولة الروسية ، و النخر وسطها ، عبر مشاريع سرية اكتشفتها الاستخبارات الروسية ، و هو ما أكده للأعلام مديرها سيرجي ناريشكين ، و في مقدمتها الشروع بإنتاج قنبلة نووية مجاورة لحدود روسيا الجنوبية ، و التجهز لضم شبه جزيرة القرم جنوبا ، و إقليمي ( الدونباس و لوغانسك ) شرقا بقوة السلاح بعد وهم الأنضمام السرابي لحلف ( الناتو ) العسكري المعادي لروسيا ، و الاستمرار في رفض الحوار المباشر مع موسكو بدايات عهد النظام السياسي الأوكراني بقيادة الرئيس فلاديمير زيلينسكي – الفنان الكوميدي المعروف ، و عبر اضاعة فرصة تنفيذ اتفاقية " مينسك " في زمن سلفه الرئيس بيترو باراشينكا ، و الذهاب للتحالف مع فصائل " بانديرا " ، و " أزوف " العنصرية المتطرفة ، و التي تصفهما موسكو بالنازية .
وهو الذي حصل على الأرض عندما و اصلت " كييف " وسط غرب أوكرانيا بالتغلغل في شرق أوكرانيا خاصة في منطقة مدينة " ماريوبل " ، و العمل على مدار ثماني سنوات متواصلة على قصف سكانها الأوكران في " الدونباس و لوغانسك " ، و جلهم من الروس و الناطقين باللغة الروسية و بحجم يصل الى أربعة ملايين نسمة ، الأمر الذي دفع بالإقليمين أعلاه هنا لطلب النجدة من موسكو ، و الأعتراف بهما مستقلين و على شكل حكم ذاتي في سياج الدولة الأوكرانية ، و توقيع معاهدة دفاع مشتركة معها ، وما كان من روسيا - بوتين و بعد التشاور مع كبار قادة روسيا الا اعلان الفزعة عبر عملية عسكرية خاصة تبدأ و تنتهي على شطل حملة سلام عندما تحق أهدافها العسكرية عبر حرب استهدفت و لازالت المواقع العسكرية المؤذية لروسيا ، و المستهدفة لإستقلالها ، و بواسطة ملاحقة فصائل " أزوف " و البنديرية كذلك المعتدية على شرق أوكرانيا ليس فقط الموالي لروسيا ، و المحادد لها ، و انما المتداخل معها ديموغرافيا ، و واصلت موسكو حملة تنظيفها لأوكرانيا من التطرف و العنصرية و النازية و بالتعاون مع القوة الشيشانية التابعة لها ، وهي المعروفة بتفوقها عالميا في مجال القوات الخاصة ، و صولاتها في " ماريوبل " و محاصرتها لمصنع الحديد الذي إختبأت فيه فصائل " أزوف " مشهود لجهدها هناك .
ولقد ركز الاعلام الغربي ، و القى بظلاله حتى على الأعلام العربي ، و شخصيا اقتربت مني قنوات فضائية عديدة كنت التقيها منتصف الليالي ، جامعة لإشاعات الغرب الصفراء مثل ( شروع روسيا لإستخدام السلاح الكيميائي ضد المواطنين الأوكران ، و هي اشاعات سبق لنا نحن العرب أن سمعنا بمثلها في الحرب السورية منذ عام 2015 بهدف استهداف روسيا هناك ، و حادثة مطار " الشعيرات " العسكري شاهدة عيان . وتم وصف العملية الروسية العسكرية هذه من قبلهم على أنها احتلال لأوكرانيا ، و للعاصمة " كييف " ، و ذهبت تقارير " البنتاغون " تتحدث عن عدم مقدرة الجيش الروسي التقدم بإتجاه ( كييف) ، و هو كذب و هراء ، و لو كان هدف روسيا احتلال غرب أوكرانيا و عاصمته لحققت ذلك بنفس اليوم الذي دخلت فيه الى هناك ، ومن دون مبالغة ، فأنها تمتلك اليوم جيشا و بحرية و قوة نار فوق نووية تعادل ما يملكه حلف ( الناتو ) الغربي – الأمريكي مجتمعا ، إن لم تتفوق عليه ، و لدى روسيا حرص على إنتاج اسلحة جديدة متطورة كل عشر سنوات مثل " صواريخ كنجال و اس 500 ، و إسكندر ، و إس من 18 الى 27" . و تبين بأن مستشفى " ماريوبل " كانت عناصر فصائل" أزوف " تختبيء بداخله ، ولم يكن يحتوي على نساء في مرحلة الولادة كما أشاع الغرب . و تحريك الغرب لموضوع " الحظر الجوي " المحتمل فوق غرب أوكرانيا كان الهدف منه استفزاز روسيا ، لكنهم لم يعرفوا بمعرفتها بالقانون الدولي الذي تتمسك به بقوة ، و تعارض بالمقابل حضور و عمل القطب الواحد الراغب بالسيطرة على أركان العالم ، و هو الذي لا يعترف بحقوق الدول العظمى الأخرى مثل روسيا الأتحادية و يحرض العالم ضدها في زمن تعدد أقطاب العالم الذي تقوده روسيا نفسها .
و الغريب في الموضوع الأوكراني هو أن أمريكا بإسم الغرب التفت على الرئيس زيلينسكي ، و اقنعته بأن يبتعد عن الا تصال بموسكو بداية ، و أوهمته بدخول بلاده حلف " الناتو " ، و بإنتاج قنبلة " نووية " ، و بضرورة إعادة " القرم " لأسباب إستراتيجية عسكرية تخصها بوجود الأسطول الروسي النووي العملاق ، وإعادة إقليمي " الدونباس و لوغانسك " بقوة السلاح الغربي " ثم دفعته للمطالبة بالحوار المباشر " و وجهته لطلب الفزعة من يهود العالم ، و كذلك التزود بالسلاح ، و زودته بالسلاح و المال فعلا و بحجم ( 6) مليارات دولار ، و الهدف الدقيق لديها هو اضعاف روسيا ، و إثارة شعوب روسيا على نظامها السياسي برئاسة بوتين ، و عبر توجيه مزيد من العقوبات الإقتصادية الصارمة التي واجهتها روسيا بسياسة الإعتماد على الذات ، و بالطلب من الدول غير الصديقة ( الغربية ) و حسب حاجتهم شراء صادرات روسيا من المصادر الطبيعية و في مقدمتها ( البترول و الغاز ) بعملتهم الوطنية " الروبل " ، و هو الأمر الذي سيقود للتفوق على( الدولار و اليورو ) ، و لإحراج أوروبا أمام أمريكا ، و الشروع أكثر لقطع إمدادات الغاز الروسي عن الغرب حالة رفضة التعامل مع العملة الروسية مثل مشروع الغاز 2 ، و لدى روسيا خيارات عديدة لمواجهة عقوبات الغرب ، و لتوجيه عقوبات مماثلة لهم ، و بيلاروسا – لوكاشينكا في الواجهة أيضا ، و في الخندق الخلفي الدفاعي المنظومة السوفيتية السابقة .
وحتى لا نذهب بعيدا ، لا مخرج و كما أعتقد للأزمة الأوكرانية غير وقف القتال بداخلها ، بمعنى ( بين الغرب و الشرق) و عليها ، بعد تحقيق روسيا لأهدافها المشروعة دفاعا عن ذاتها من غير الحاجة لإلحاق الأذى بالمواطنين الأوكران أشقاء شعوب روسيا المجاورة ، و التاريخ المشترك شاهد على العصر . و سلام ضعيف كم تقول الشعوب السلافية نفسها خير من حرب مدمرة ، ومن غير المعقول تصعيد الإستفزاز من قبل الغرب لغاية تقريب صورة الحرب العالمية الثالثة المرعبة و المدمرة للبشرية و للحضارات ، و ليس أجمل من السلام عندما يتحول لتنمية شاملة مفيدة للإنسان أينما تواجد ، و العالم نهاية المطاف بيتنا جميعا ، و المطلوب المحافظة عليه.