محادين يكتب : دولة الرئيس .. لا تجرب الأردنيين فهم محترفون في طرد حكوماتهم!
17-08-2010 10:05 PM
السؤال الموجع الذي يتردد على ألسنة الاردنيين سرا وعلانية هو: الا نستحق حكومة تحترمنا وتحترم وعينا وتفهمنا وتتعامل معنا ولو بالحد الادنى من الصدق والشفافية والمسؤولية والامانة؟!
وعن هذا السؤال تتداعى عشرات الاسئلة التي تطرح ألف علامة استفهام، لعل من ابرزها ما الذي تسعى الحكومة الى انجازه في ظل صلفها وعنجهيتها وانفرادها بكل السلطات الدستورية فهي مجلس النواب وهي سلطة القضاء وهي القبضة الحديدية، وهي فوق هذا كله تتعامل مع الاردنيين لا كبشر ولا كمواطنين وانما مجرد عبيد واقنان في مزرعة قطاع خاص تتوزع رموزه خيرات الوطن وليذهب كل هؤلاء الاردنيين الى الجحيم او الى امارة دبي للعمل في اسطبلاتها او ابراجها او مزارعها او في مكاتبها، واجد نفسي مضطرا الى هذه الاشارة لان بعض الاردنيين مل من انتقاد حكومة السيد سمير الرفاعي ومن شتم الرئيس ووزرائه وبدأ يكيل الشتائم لامارة دبي العزيزة على قلوبنا جميعا ولحاكمها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي ادار ويدير بعبقرية مميزة اقتصاد دبي وقدم للعالم نموذجا يصعب الاحتذاء به، واود ان اؤكد هنا ان ما تفعله شركاته وموظفوه في بلدنا مما لا يرضي الشيخ محمد ومما لا يسعى الى تحقيقه، ولكن المستفيدين من سياساتهم في الاردن دفعوا ويدفعون البلد الى كوارث حقيقية وكأن الاردن مجرد قاصة مفتوحة ولا حراس عليها والشاطر من يملأ جيوبه بالمال الحرام المسروق من الاردنيين.
عندما استقال نادر الذهبي رئيس الوزراء السابق يوم التاسع من كانون اول عام 2009 ، كتبت عن تقليد اردني سخيف، حيث تحرص الغالبية من المنافقين والطامعين والطامحين والمتسلقين والباحثين عن النهب المادي والمعنوي الى تقديم التهنئة الى الرئيس الجديد وادارة الظهر للرئيس السابق، وقلت في تلك المقالة ان هذه الغالبية تتجنب الوقوف امام باب المغادرين وتحرص على الازدحام على باب القادمين، ولم تمر المائة يوم الاولى من حكومة دولة سمير الرفاعي حتى وقف الاردنيون مع حكومة لا تحمل لهم محبة وتحمل لهم كل الكراهية والحقد وعدم الاحترام والعزم الاكيد على تجويعهم واذلالهم وممارسة كل اشكال التعسف والقمع ضدهم، وهذه كلها مبررات للاردنيين بعدم الوقوف على باب المغادرين عندما يغادرنا وتغادر الحكومة الدوار الرابع بعد ان جوعتهم واضطهدتهم وسعت الى اذلالهم وتعمل على شراء كامل حصص الاردنيين في وطنهم وتسجيلها باسم امارة دبي من الارض الى الماء الى الكهرباء الى الهواء، ولو كانت تستطيع ان تطرد الاردنيين من اردنهم لفعلت هذا كما لو كانت تستطيع ان تحيل الشعب على الاستيداع لما ترددت لحظة واحدة!!
اجد صعوبة في الوقوف مع قرار لها اسوأ من قرار آخر، لكن اقول: ليدلنا الرئيس او احد وزرائه او واحد من كتبته الرخيصين على قرار واحد اتخذته هذه الحكومة وكان للشعب مصلحة فيه باستثناء قرار منع تصدير الخيار فآخر ما اصدرته من قوانين مؤقته اضطرتها الظروف المحلية والاقليمية والدولية الى اصداره هو القانون المؤقت المتعلق بما اسمته الحكومة (جرائم انظمة المعلومات) والذي يهدف الى حجب الانترنت عن موظفي القطاع العام بحجة تفريغهم لعملهم الرسمي وحتى لا يتمكنوا من الاطلاع على الاخبار والمعلومات والمقالات المحظور نشرها في غالبية الصحف، واذكر هنا انني زرت دولة رئيس الوزراء السابق نادر الذهبي حيث اشار الى مكتبه وقال: هذا هو مشروع القانون المتعلق بالمواقع الالكترونية ولكنني لن ارسله الى مجلس النواب ولن اسعى الى اقراره لسببين الاول: ان اصدار قانون الحجب يعني اصدار قانون لا يمكن تطبيقه (حكومة الذهبي لم تكن في قوة وشجاعة وعناد حكومة الرفاعي) اما السبب الثاني: فانني غير مقتنع بأي تضييق على المواقع الالكترونية، لان مثل هذا التضييق فوق كونه مخالفا للدستور فانه مخالف لكل الاتفاقيات والتشريعات الدولية التي وقع عليها الاردن، واسأل دولة الرئيس سمير الرفاعي: هل تعتقد انك قادر على الحاق الهزيمة بالمواقع الالكترونية؟ وسؤال آخر: هل تفرق معكم ان يطلع المواطن على ممارسة سيئة لكم ولحكومتكم قبل الساعة الثالثة ظهرا او بعد الساعة الثالثة ظهرا (مع اختلاف التوقيت في رمضان) ولا ادري ما اذا كان وزير او وزيرة في مجلس الرفاعي قد ابدى ملحوظة واحدة على مشروع القانون ام التزم الصمت وابدى الاستسلام لرغبة الرئيس الذي لا يبدو مستعدا للوقوف مع دروس زملائه من الرؤساء السابقين الذين حاربوا حرية التعبير وانتهى بهم الامر الى حرية المشاركة في جاهات اعطاء العرائس او الطلب للعرسان بدل الانصراف الى القاء المحاضرات في الجامعات الاردنية والعربية والدولية ووضع الكتب عن تجاربهم في الحكم التي امتدت ما بين سبعة شهور وثلاثة اعوام، ولعل ما بين تجربة الرجلين (الذهبي والرفاعي) ما يبرر صحة قرارات الاول وسوء قرارات الثاني، فالذهبي خريج الحياة العسكرية والرفاعي لم يؤد خدمة العلم كونه وحيد والديه، والذهبي يقرأ ويكتب ويجيد اللغتين العربية والانجليزية ولا يهوى الذهاب الى السينما لمشاهدة الافلام الخيالية اما اخونا سمير الرفاعي، فقد اخطأ في اللغتين العربية والانجليزية عندما كتب في موقعه عزاءه للشهيد العلاونه قبل اسابيع قليلة، وتبدو محاولة تبرير قانون جرائم المعلومات والتأكيد على انه قانون عصري وديموقراطي مثيرة للسخرية اذ لا افهم كيف لمن يحاول الضغط على فمك وأنفك ان يقنعك بأنه يريدك ان تتنفس باسهل طريقة ممكنة كما حاول الوزيران علي جمعه ومروان العايد في المركز الوطني لحقوق الانسان!!
يا دولة الرئيس الجميل والشاب، لو كنت في الستين او السبعين من عمرك لبحثت عن اعذار لك عن سوء الكثير من سياساتك وتوجهاتك وقوانينك المؤقتة وقراراتك وقبلها جميعا منطلقاتك الاقتصادية ولو كانت الاجندة الموجودة على مكتبك تعود الى الثلاثينات او الاربعينات حيث لا محطات تلفزيون ولا مواقع الكترونية ولا مدونات ولا صحف وحيث تحتاج الى انتين على سقف بيتك لسماع اذاعة عمان لوجدت لك العذر بعد العذر لكنك في الاربعينات من عمرك الناعم، ونحن واياك في العام 2010 حيث العالم كله غرفة لا قرية صغيرة، وحيث توقف حتى سعاة البريد عن ممارسة عملهم وحيث يصلك ايميل من آخر نقطة في العالم بعد ثوان من ارساله، وحيث المواطن بعشرين عينا تحيط برأسه وبعشرين اذنا تحيط بجمجمته، وحيث كل محاولة لتغطية السوء تسقط على باب مكتبك قبل ان تغادره، وحيث ان الرؤساء اعداء الحرية والكلمة ما يزالون احياء بيننا – سأتحدث عنهم بالتفصيل في مقالة قادمة- فاقرأ بلدنا دون ان تشعر انه ليس بلدك وانظر في وجوه مواطنيك دون ان تنكر انك مثلهم مواطن، واثق بعد هذا انك ستتذكر قسمك الغليظ ان تكون مخلصا للملك وان تكون محافظا على الدستور وان تخدم الامة وان تقوم بالواجبات الموكولة اليك بامانة، واعتقد انه قد آن الاوان لاخراج الدستور من الخرج وزرعه في العقل والقلب، فهذا الشعب الطيب الرقيق الهادىء كالجمل عندما يفقد صبره ينتزع اول ما ينتزع روح صاحبه، واسأل الله الهداية لك ولي ولكل وزرائك الذين لا يقولون (لا) حتى في تشهدهم!
و(القلم المصنوع من البلاستيك والمملوء بحبر الصدق اطول عمرا من كل اسلحة البطش والقمع والاصرار على تقطيع الاصابع وتكميم الافواه).
الكاريكاتور خاص ب عمون من الفنان عمر عدنان العبد اللات .